بل لقد كان نكير أبي ذرّ موجّهاً إلى عثمان من جهة تسليطه الفسقة والفجرة من بني اُميّة وبني العاص على رقاب المسلمين ...
لقد كان نكيره موجّهاً إلى عطاءات عثمان لمروان وأمثاله ... فقد أعطى مروان وحده خمسمائة ألف دينار ، وهذه إحدى عطاءاته له ...
لقد كان نكيره موجّهاً إلى معاوية وتصرّفه في أموال المسلمين في الشام ، ولمّا بنى معاوية الخضراء بدمشق قال له أبو ذرّ : يا معاوية ، إنْ كانت هذه الدار من مال الله فهي الخيانة ، وإن كانت من مالك فهذا الإسراف ، فسكت معاوية.
يقول ابن كثير : فبعث يشكوه إلى عثمان.
لكنّ المسعودي يروي أنّه كتب إليه قائلاً :
«إنّ أبا ذر تجتمع إليه الجموع ولا آمن أن يفسدهم عليك ، فإن كان لك في القوم حاجة فاحمله إليك».
فروى غير واحد من المؤرّخين أنّه حمله على بعير عليه قتب يابس معه خمسة من الصقالبة يطيرون به حتّى أتوا به المدينة قد تسلّخت بواطن أفخاذه وكاد أن يتلف ... وهذا لفظ المسعودي(١) ، ونحوه لفظ غيره منهم.
لكن ابن كثير يقول : فكتب عثمان إلى أبي ذرّ أن يقدم عليه المدينة فقدمها!
ثم يقول : فلامه عثمان ...
لكن الواقدي وغيره من أئمّة التأريخ والسير منهم يروون ـ واللفظ له ـ إنّ عثمان قال لأبي ذرّ ـ لمّا أدخل به عليه ـ : أنت الذي فعلت ما
__________________
(١) مروج الذهب ١/٤٣٨ ، وانظر البلاذري في أنساب الأشراف ٢/٥٢.