يقول ابن كثير الدمشقي :
«كان أبو ذرّ ينكر على من يقتني مالاً من الأغنياء ، ويمنع أنْ يدّخر فوق القوت ، ويوجب أن يتصدّق بالفضل ، ويتأوّل قول الله سبحانه وتعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَاب أَلِيم) ، فينهاه معاوية عن إشاعة ذلك فلا يمتنع ، فبعث يشكوه إلى عثمان ، فكتب عثمان إلى أبي ذرّ أن يقدم عليه المدينة ، فقدمها ، فلامه عثمان على بعض ما صدر منه واسترجعه فلم يرجع ، فأمره بالمقام بالربذة ـ وهي شرقي المدينة ـ. ويقال : إنّه سأل عثمان أن يقيم بها ، وقال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لي : إذا بلغ البناء سلعاً فاخرج منها ، وقد بلغ البناء سلعاً ، فأذن له عثمان بالمقام بالربذة ، وأمره أن يتعاهد المدينة في بعض الأحيان حتّى لا يرتدّ أعرابياً بعد هجرته ، ففعل ، فلم يزل مقيماً بها حتّى مات»(١).
وتجد مثل هذا الكلام في كتب غيره من المؤرّخين ...
ومن أين جاء بهذه المزعمة أنّ أبا ذرّ كان ينكر على من يقتني مالاً من الأغنياء؟!
لقد كشف أئمّتنا النقاب عن هذه الأفائك والمفتريات ، وبالله عليك ، إنّ من يرى عدم وجوب الزكاة في المال الذي يتّجر به ، كيف يقول بعدم ملكيّة الإنسان لما زاد عن قوته وضروريّاته؟! وهل أنّه كان يفعل منكراً فينهاه مثل معاوية الذي هو أساس كثير من المنكرات والمشيع لها بين المسلمين؟
__________________
(١) تاريخ ابن كثير ٧/١٨٥ حوادث السنة ٣٢.