أقول :
في هذا الخبر فوائد :
١ ـ إنّ الحكم الشرعي يجب أن يبلَّغ إلى الناس بلغ ما بلغ.
٢ ـ إنّ ما يقوله الأئمّة عليهم السلام إنّما هو حكم الله سبحانه يخرج إلى النّاس بواسطتهم.
٣ ـ إنّ ما أجاب به أبو عبد الله نفس ما أجاب به والده عليهما السلام ، لكنّ المطلب الذي نريد أنْ نؤكّد عليه على ضوء الخبر هو :
إنّ عثمان كان يرى الزكاة في المال الذي يتّجر به ، فيكون قائلاً بوجوبها في ما لا يتّجر به بالأولويّة ، وكان أبو ذرّ رضي الله عنه يرى العكس ، أي عدم وجوب الزكاة في ما يتّجر به ، وكان هذا هو الحكم الشرعي كما في الخبر ، إذ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله القول ما قال أبو ذرّ.
لكنّ أبا ذرّ وعثمان قد تنازعا مرةً اُخرى ، وذلك في زمان حكومة عثمان ... واشتهر أنّ نزاعهما كان في وجوب الزكاة ، ومعنى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَاب أَلِيم)(١) ، فنسبوا إلى أبي ذرّ أنّه كان يستشهد بالآية المباركة ، ويقول بوجوب إنفاق كلّ المال الزائد عن القوت. وهذا إفك مفترىً ، وإنّما أذاعوه من أجل الدفاع عن عثمان ومعاوية ومن لفّ لفّهم ، قلباً للحقائق وكتماناً للواقعيّات ...
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٣٤.