ومعلوم أن امتناع ذلك : معلوم في بديهة العقل. فيثبت : أن المثال الذي ذكروه محض التلبيس.
بقي هاهنا لهم (١) سؤالان :
السؤال الأول : أن يقال : هب أنه مد اليد إلى أحد القدحين ، ووجه القصد إليه. فلم حصل هذا القصد دون القصد الثاني؟
وجوابه : أن يقال : الإرادات والقصود ، لا يجب استناد كل واحد منها إلى آخر ، على سبيل التسلسل ، بل تنتهي تلك الإرادات والقصود إلى إرادة ضرورية ، قصد ضروري ، يحصل فيه من العالم الأعلى ، بحسب أسباب معينة ، واستعدادات مخصوصة. لا اطلاع للخلق على كيفياتها.
السؤال الثاني : أن يقال : إن كان الأمر على ما ذكرتم (٢) من أن القادر ما لم ينضم إليه المرجح ، فإنه يمتنع أن يصدر عنه الأثر. فحينئذ [لا يبقى (٣)] بين القادر وبين الموجب: فرق لكن الفرق معلوم بالبديهة ، فكان ما ذكرتموه باطلا.
والجواب : أنا ذكرنا في باب الدواعي والصوارف : أن الفرق بين الموجب ، وبين المختار من وجهين :
الأول : أن الموجب لا شعور له بما يصدر عنه البتة ، والقادر المختار هو الذي يحصل له الشعور بالآثار الصادرة عنه.
والثاني : أن الواحد منا حال كونه متساوي القدرة والإرادة بالنسبة إلى وجود الفعل وعدمه ، فإنه يمتنع أن يصدر عنه الفعل ، والعلم [بذلك (٤)] ضروري ، أما إذا حصلت الداعية القوية ، والإرادة الجازمة ، وانضمت إلى
__________________
(١) تحكم (ت).
(٢) كما ذكرتم (ط)
(٣) من (س)
(٤) من (س)