الوجه السابع في الجواب : لم لا يجوز أن يقال : إن قول القائل : لم تعلقت إرادة الله تعالى بإحداث العالم في ذلك الوقت ، ولم تتعلق [بإحداثه (١)] في الوقت المتقدم على ذلك الوقت ، إنما يصح لو حصل قبل ذلك الوقت ، وقت آخر. وهكذا قبل كل وقت ، وقت آخر ، لا إلى أول. وهذا الكلام إنما يصح لو ثبت القول بقدوم الزمان ، وهذا [هو (٢)] عين محل النزاع. فإن من اعتقد أن الزمان محدث ، اعتقد أنه لم يحصل قبل ذلك الأول وقت آخر البتة ، وعلى هذا التقدير امتنع أن يقال : لم لم يحدث العالم قبل أن حدث؟ لأن هذا الكلام إنما يصح لو حصل قبل ذلك الوقت وقت آخر ، فإذا لم يكن الأمر كذلك [امتنع قول القائل : لم (٣)] لم تتعلق إرادة الله بإحداث العالم قبل ذلك [الوقت (٤)]؟
الوجه الثامن في الجواب : إن الإرادة لها صلاحية التعلق بإحداث العالم في هذا الوقت المعين ، صلاحية التعلق بإحداث العالم في سائر الأوقات ، بدلا عن تعلقها بذلك الوقت المعين. ثم [إن (٥)] رجحان أحد الجانبين على الآخر ، يمتنع أن يتوقف على انضمام مرجح إليه. إذ [لو (٦)] كان الأمر كذلك ، لكانت تلك الإرادة عند حصول ذلك المرجح ، واجبة التعلق بذلك المتعلق الخاص ، وعند فقدانه ، تكون ممتنعة التعلق بذلك المتعلق الخاص ، وحينئذ لا يبقى بين الموجب بالذات ، وبين الفاعل المختار فرق. ولما كان هذا الفرق معلوما بالضرورة ، ثبت أن القادر المختار يمكنه ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح أصلا. والذي يقوى ما ذكرناه صور كثيرة :
فإحداها : أن الهارب من السبع إذا وصل إلى طريقين متساويين من كل الوجوه ، فإنه يختار أحدهما دون الثاني لا لمرجح.
وثانيتها : أن العطشان إذا خير بين شرب قدحين ، والجائع إذا خير بين
__________________
(١) من (ط)
(٤) من (ط)
(٢) من (ت)
(٣) سقط (ط).
(٥) سقط (ط).
(٦) من (ت).