محال. وأما إن كان شيئا مباينا عن الجوهر ، فذلك الشيء إن كان باقيا ، عاد التقسيم في كيفية عدمه ، وإن كان غير باق ، كان ذلك باطلا. لما بينا أن كل ما كان قابلا للوجود ، كان قابلا للبقاء ، فيثبت بهذه البيانات : أن أجسام العالم لو عدمت ، لكان عدمها ، إما أن يكون بإعدام القادر ، أو بطريان الضد ، أو بزوال الشرط. [وثبت أن (١)] الأقسام الثلاثة باطلة ، فكان القول بفناء العالم بعد وجوده باطلا [والله أعلم (٢)]
الحجة الثانية على أن عدم الأجسام بعد وجودها : محال. هي أن نقول : لو صح العدم على ذوات الأجسام ، لكانت صحة عدمها ، حاصلة قبل حصول عدمها. وتلك الصحة صفة موجودة ، ولا بد لها من محل. فنقول : محلها إما أن يكون هو ذات الجسم ، أو شيء آخر ، والأول محال. لأن محل صحة الشيء ، هو الذي يمكن اتصافه بذلك الشيء ، فلو كان محل إمكان عدم الجسم ، هو وجود ذلك الجسم ، لزم أن يبقى [وجوده حاصلا (٣)] حال طريان عدمه ، وذلك محال. لأن وجود الشيء [يمتنع أن (٤)] يبقى حال عدمه. والثاني أيضا [باطل (٥)] لأن الشيء الذي يقوم به صحة وجود الشيء ، وصحة عدم ذلك الشيء : هو هيولاه ، فلو حصل للجسم شيء يقوم به صحة وجوده ، وصحة عدمه. لزم إثبات هيولى للجسم. وذلك باطل من وجهين :
الأول : إن هيولى الجسم ، إن كان متحيزا لزم التسلسل ، وإن لم يكن متحيزا ، لزم حلول المتحيز في محل ، لا حصول له في ذلك المكان ، وفي تلك الجهة. وذلك محال.
الثاني : إن بتقدير [أن يكون (٦)] للجسم هيولى ، فقد ثبت بالدلائل
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) ببقاء (ط ، ت)
(٣) من (ط ، ت)
(٤) من (ط)
(٥) من (ط)
(٦) من (س)