بالضرورة. فإن كل أحد يفرق بين كون الإنسان مختارا ، في قيامه وقعوده ، وبين كون الحجر هابطا بالطبع. [وبين كون النار صاعدة بالطبع (١)] وتوقيف صدور الفعل عن القادر على انضمام المرجح إليه : يقدح في صحة هذا الفرق ، الذي عرفت صحته بالبديهية. وما أفضى ثبوته إلى فساد العلوم الضرورية : كان باطلا. فيثبت : أن القادر يرجح أحد طرفيه على الآخر لا لمرجح.
هذا حاصل كلام المتكلمين في هذا الباب.
[والجواب] (٢) أما المذهب الأول فهو باطل. ويدل عليه وجوه :
الأول : إن أحد الطرفين حال ما كان مساويا للآخر ، كان ممتنع [الوقوع] (٣) فحال ما صار مرجوحا أولى بالامتناع. وإذا صار أحد الطرفين مرجوحا ، صار الآخر واجبا. لأنه لا خروج عن النقيضين.
الثاني : إن عند حصول ذلك القدر من الرجحان ، إن امتنع العدم فهو المطلوب. وإن لم يمتنع ، فليفرض معدوما تارة ، وموجودا أخرى ، مع حصول تمام ذلك القدر من الرجحان ، فحينئذ يكون اختصاص أحد الوقتين بالوقوع ، إن توقف على انضمام قيد آخر إليه ، [قدح (٤)] يقدح ذلك في قولنا : إن كل ما كان حاصلا قبله ، كان تمام المرجح ، وإن [لم (٥)] يتوقف ، فقد ترجح الممكن المتساوي ، لا لمرجح.
[الوجه (٦)] الثالث : إن عند حصول مرجح الوجود ، يمتنع أن يحصل معه مرجح العدم فلو حصل العدم في هذا الوقت ، لكان قد حصل الرجحان لا لمرجح. وهو محال. وإن امتنع حصول العدم ، صار الوجود واجبا. وهو المطلوب.
__________________
(١) من (ت)
(٢) سقط (ط ، س)
(٣) من (س)
(٤) يقدح (ت)
(٥) من (ط ، س)
(٦) من (ت)