رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأشار إليه عامّتهم بذلك. فلبث عمر بن الخطّاب شهراً يستخير الله تعالى في ذلك شاكّاً فيه. ثمّ أصبح يوماً وقد عزم الله تعالى له. فقال : إنّي كنت فكّرت لكم من كتابة السنن ما قد علمتم. ثمّ تذكّرت فإذا أناس من أهل الكتاب كتبوا مع كتاب الله كتباً فاكبّوا عليها وتركوا كتاب الله. وإنّي والله لا ألبس كتاب الله بشيء. فترك كتابة السنن» (١).
وروى ابن سعد بسنده عن الزهري قال :
«لمّا أراد عمر بن الخطاب أن يكتب السنن فاستخار الله شهراً ثمّ أصبح وقد عزم الله له فقال : ذكرت قوماً كتبوا كتاباً فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله» (٢).
وروي أيضاً عن قرظة بن كعب الانصاري أنّه قال :
أردنا الكوفة فشيَّعنا عمر إلى صرار ، وقال : تدرون لم شيّعتكم؟ قلنا : نعم ، نحن أصحاب رسول الله. فقال : إنّكم تأتون أهل قرية لهم دوىٌ بالقرآن كدويّ النحل ، فلا تصدّوهم بالأحاديث فتشغلوهم. جرّدوا القرآن ، وأقلّوا الرواية عن رسول الله ، وامضوا وأنا شريككم (٣).
وقد جرت سيرة التأريخ على رفض كتابة سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل مدرسة الصحابة لحين تولّي معاوية بن أبي سفيان ، وإصرار أئمّة أهل البيت عليهمالسلام على تدوين السنّة تدويناً تامّاً.
__________________
(١) تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك ـ الفائدة الثانية.
(٢) تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك ـ الفائدة الثانية ، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري ـ المقدمة : ٦.
(٣) الطبقات الكبرى ـ ابن سعد ٦ / ٧ والمستدرك للحاكم ١ / ١٠٢.