الأمر الثامن :
قولهم : إنّ الأمر بإدناء الجلباب نزل لكون نساء النبيّ والمؤمنين يؤذَيْن في خروجهن ليلاً لقضاء حاجتهنّ ، وقد روت عائشة (١) أنّ عمر قد تعرّض لسودة بنت زمعة في خروجها ليلاً لقضاء حاجتها وأنّها انكفأت راجعة شاكية لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما آذاها به عمر ، فأوحى الله تعالى لنبيّه الإذن بأن يخرجن أي بجلباب فلا يؤذين.
وقال الجصّاص في أحكام القرآن : «قوله تعالى : (وَإذَا سَألْتُـمُوهنَّ مَتاعاً فَسْألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب) قد تضمّن حظر رؤية أزواج النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، وبيّن به أنّ ذلك (أطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وقُلُوبِهِنَّ) ؛ لأنّ نظر بعضهم إلى بعض ربّما حدث عنه الميل والشهوة فقطع الله بالحجاب الذي أوجبه هذا السبب ..
قوله تعالى : (ومَا كانَ لَكُمْ أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) ، يعني بما بيّن في هذه الآية من إيجاب الاستئذان وترك الإطالة للحديث عنده والحجاب بينهم وبين نسائه» (٢).
وقال ابن الجوزي في زاد المسير ، في أسباب نزول آيات الحجاب : «والثالث : إنّ عمر بن الخطّاب قال : قلت : يا رسول الله! إنّ نساءك يدخل عليهنّ البرّ والفاجر ، فلو أمرتهنّ أن يحتجبْن. فنزلت آية الحجاب ..
أخرجه البخاري من حديث أنس ، وأخرجه مسلم من حديث ابن عمر ، كلاهما عن عمر.
__________________
(١) جامع البيان ـ لابن جرير الطبري ـ ٢٢ / ٤٩.
(٢) أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٣ / ٤٨٣.