فيتخيّر الإمام بين القتل وغيره.
الخامس : إنّ الآية محكمة والإمام مخيّر في كلّ حال ؛ روي ذلك عن ابن عبّـاس ، وقاله ابن عمر والحسن وعطاء ، وهو مذهب مالك والشافعي والثوري والأوزاعي وأبي عبيد وغيرهم ، ويروى ذلك عن أهل المدينة أيضاً ..
واسـتدلّ بفعل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لكلّ ذلك ؛ إذ قتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث يوم بدر صبراً ، وفادى سائر أُسارى بدر ، ومنّ على ثمامة وهو أسير في يده (١).
ويدفع دعاواهم :
أوّلاً :
إنّه لا دليل على النسخ ؛ إذ هو متوقّف على دليل قاطع وإلاّ لزم تعطيل آيات الكتاب بمجرّد التخرّص والتظنّي ، كما إنّ النسخ يتوقّف على تعارض ما بين المفادين ، والحال أن لا تنافي بين الآيات ؛ إذ آية الأُسارى كالمفصّل لما أجمل من الإطلاق في آيات قتال المشركين ، مع إنّه متوقّف على تأخّر آيات القتال المطلقة على آية الأُسارى.
ثانياً :
إنّه لا قرينة على اختصاص آية الأُسارى بالمشركين كي يفرض رفع حكمها مطلقاً ؛ فهي ـ على ظاهرها ـ شاملة لغير المشركين ، وتكون نسبة مدلولها لمدلول آيات قتال المشركين هي العموم والخصوص من وجه.
__________________
(١) انظر : تفسير القرطبي ١٦ / ١٩٢.