بِهِم مَنْ خَلْفَهُمْ) (١) ، وقوله تعالى : (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) (٢) ؛ قاله قتادة والضحّاك والسدي وابن جريج والعوفي ، عن ابن عبّـاس.
واسـتدلّ على هذا القول بفعل أبي بكر.
الثاني : إنّها في الكفّار جميعاً ، وهي منسوخة على قول جماعة من العلماء وأهل النظر ، منهم : قتادة ومجاهد ؛ قالوا : إذا أُسـر المُشرك لم يجز أن يمنّ عليه ، ولا أن يفادى به فيردّ إلى المشركين ، ولا يجوز أن يفادى عندهم إلاّ بالمرأة ؛ لأنّها لا تقتل ، والناسخ لها قوله تعالى : (فاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) ؛ إذ كانت براءة آخر ما نزلت بالتوقيف ، فوجب أن يُقتل كلّ مشرك إلاّ مَن قامت الدلالة على تركه من النساء والصبيان ومَن يؤخذ منه الجزية. وهو المشهور من مذهب أبي حنيفة ؛ خيفة أن يعودوا حرباً للمسلمين.
الثالث : إنّها ناسخة لقوله تعالى : (فاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) ؛ قاله الضحّاك والحسن وعطاء ..
فعن عطاء : لا يقتل المشرك ولكن يُمنّ عليه ويفادى. وبزعم الحسن : أن ليس للإمام قتل الأسير المشرك بعد وضع الحرب أوزارها والإثخان ، لكنّه يختار : إمّا أن يمنّ ، أو يفادي ، أو يسترق.
الرابع : قول سعيد بن جبير أنّها غير ناسخة ولا منسوخة ، والفداء والأسر لا يكون إلاّ بعد الإثخان والقتل بالسيف لقوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أن يَكونَ لَهُ أسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ في الأرْضِ) (٣) ، فإذا أُسر بعد ذلك
__________________
(١) سورة الأنفال ٨ : ٥٧.
(٢) سورة التوبة (البراءة) ٩ : ٣٦.
(٣) سورة الأنفال ٨ : ٦٧.