الضرورة لسـامعه بصحّة مخبره» ؛ فباطل مسـتحيل ، وهو دعوىً عارية عن (١) دليل.
والذي يوضح لك عن فسـاد ذلك ، أنّ الضرورات أوائل العلوم ومبادي العقول ، وهي الأُصول لكـلّ ما سـاق إليه الدليل ، فلا بُـدّ من تقـدّمها وتأخّر كـلّ دلالة عنها ، ومن المحال أن يكـون علوم الاسـتدلال متقـدّمة على الاضطرار.
ولسـنا نشـكّ في أنّ العلم بصحّة ما أتى به الخبر المتواتر إنّما حصل بعد علمنا أنّ المتواترين لا يجوز عليهم التواطؤ ، وأنّ اسـتحالة التواطؤ عليهم دليلٌ على بطلان الافتعال منهم.
وهذا اسـتدلال قد حصل قبل العلم بصحّة مخبر الخبر ، وهو يوضح لك أنّ العلم به لم يحصل إلاّ اسـتدلالا ، وأنّـه لو كان ضرورة لكان أوّلا.
فتأمّل هـذا! فإنّ المعتزلة لم يهتدوا (٢) إليه ، فإذا رأيت صوابه واضحاً فعـوِّل عليه ، ففيه كـفاية وغنىً إن كـنت تريد (بالنظر وجه) (٣) الله عزّ وجـلّ.
قال اليهودي :
لسـت أُريد غير السـبيل وقد أسـفر (٤) ، ولا أطلب إلاّ الدليل وقد
__________________
(١) في «ب» و «ج» : «من».
(٢) في «أ» و «ب» : «تهتد».
(٣) في «ج» : «النظر لوجه».
(٤) في «أ» : «اسـتقرّ».