أخـذوا (١) عنهم ، وقالوا : شـاهدنا سـلفنا.
هذا ، وحكـمهم في التواتر وقطع العذر يحكـمنا ، فقد وجب تصديقهم في ما (٢) حكـوا مشـاهدته ، كـما وجب تصديقهم في ما ذكـروا سـماعه ؛ لأنّ الحالين واحدة.
وقالوا ـ أيضاً ـ : سـمعنا سـلفنا هؤلاء يخبرونا بأنّهم شـاهدوا سـلفهم الّذين أخبروهم بالمعجزات ، وحكـمهم بالتواتر وقطع العذر لحكـمهم (٣) ، وأخبروهم بمثل ذلك بعينه عمّن قبلهم.
وعلى هذا ، كـلّ خلَف من المسـلمين يروي عن سـلفه ، أنّـه سـمع خبر المعجزات والتحدّي بالقرآن منه ، ونقل ذلك عنه وشـاهده ، وقد بلغ حدّ التواتر وجاوزه ، إلى أن يتّصل النقل بالطائفة التي أخبروا عن تواترها ممّن عاصر النبيّ وشـاهد آياته ومعجزاته ، وحضرَ الفصحاءَ في وقتهم ، وسـمِع التحدّي بالقرآن يفزعهم ، وأنّهم شـاهدوا من حالهم أنّهم لم يثبتوا (إلاّ للسـيف أنْ ثبتت) (٤) الحجّة عليهم ، فظهر بعد (٥) التحدّي عجزُهم.
وهذا دليل واضح إذا تأمّلته ، مغن لك إذا تصفّحته.
ولم يبق بعده إلاّ أن أُميط عنك الشـبهة التي أوردها عليك المعتزلي ، وأُعرّفك فسـادها بالبرهان الماضي.
أمّا قوله : «أنّ من شـرط صحّة الخبر المتواتر ، أن يوجب علم
__________________
(١) في «ب» : «أخذوه».
(٢) في «أ» : «بما».
(٣) في «أ» : «وبحكـمهم».
(٤) في «أ» : «إلى السيف إن لم يثبت» ؛ وفي «ب» : «إلى السيف إن تثبت».
(٥) في «ج» : «بهذا».