فقال له الشـيعي :
قف بحيث انتهى بك قصر خُطاك! فهو غاية قدرتك ونهاية مَداك ، واعلم أنّك اجتهدت وأطلت ، فلا النبـوّة نَصَرْتَ ، ولا الإمامة (١) أبطَلْتَ ، وقد ثبتت حجّة الله تعالى عليك ، ولم يبق في إنكـارك للنصّ شـبهة في يديك.
ثـمّ عطـف الشـيعي علـى اليهـودي ، فقـال : إنّ الـذي عُـرف منـكـم ـ معشـر اليهود ـ إنّما هو الاقتصار (٢) على التقليد ، إلى أن اختلطتم بأهل الاعتزال ، فعلّموكـم النظر والجدال ، فلا هم نصحوكـم في الرسـالة ، فاقتصروا (٣) بكـم على الكـلام فيها إلى أن تهتدوا طريقها ..
ولا أنتم طلبتـم (٤) بالنظر وجهَ الله سـبحانه ، فأنعمتم النظر (٥) لأنفسـكم فيها ، فكان (٦) يتبـيّن (٧) لكم مسـتحقّها.
وقد تعـيّن علَيَّ ممّا جرى فرض أُؤدّيه ، ولزمني حقٌّ أُبديه ..
اعلم أنّ العلم بما غاب يدرك من وجهين ، وهما : العقل ، والنقل ؛ فبالعقل تُدرك المعقولات ، وبالنقل تُدرك المحسـوسـات ..
__________________
(١) في «أ» و «ج» : «للإمامة».
(٢) في «أ» : «الاعتماد».
(٣) في «ج» : «واقتصروا».
(٤) في «ب» : «بطلتم» ؛ وفي «ج» : «أبطلتم».
(٥) أَنْـعَـمَ النظـرَ في الشيء : إذا أطال الفكرة فيه.
انظر : لسان العرب ١٤ / ٢١٣ مادّة «نعم».
(٦) في «أ» : «فكـانت».
(٧) في «أ» و «ج» : «تبيين».