ووجد كـلَّ واحد من الأمرين يسـوق إليه ما يكـرهه ، ويوجب عليه ما لم يزل ينكـره ؛ لأنّـه إنْ رجع عن القول بإيجاب علم الضرورة في متواتر الأخبار ، لزمه بكـلّ دليل يثبت به المعجزات القول بالنصّ الجليّ على أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ فإن بقي على القول بالاضطرار ، لزمه ترك القول بمعجزات الأفعال ؛ لأنّـه لا يقدر أن يثبتها ما دام قائلا بالشـبهة التي أوردها!
فرأى بقاءه على القول بالاضطرار مع دفع معجزات الأفعال التي ظهرت على يد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أسـهل عليه من الإقرار بالنصّ على الإمام ، بل هو أخفّ على قلبه من تثبيت شـريعة الإسـلام!
فقال لهما :
أُعلمكـما أنّ هذه المعجزات التي تكـلّفت تثبيتها ، واسـتدللت على صحّة النبوّة بها ، لا أرى القول يسـتمرّ لي بتواترها في الإسـناد ، ولا أجد منصرفاً عن إضافتها إلى طرق الآحاد ، وخبر الواحد عندي لا يثمر (١) علماً ، فلسـتما ترياني مسـتدلاًّ على النبوّة بها يوماً.
فأمّا اليهودي فلم يطق من السـرور صبراً ، إلى أن سـجد لله تعالى شـكـراً.
ثمّ قال : أحسـن الله بشـراك ، وأنعَم عن مخالفي الإسـلام جزاك ، هذا هو الأليق بك ، والأشـبه بمثلك ، ومَن أحقّ منك بالرجوع إلى الحقّ؟! أو أَوْلى في النظر بالصدق؟!
__________________
(١) في «ج» زيادة : «عليها».