الطريقتين (١) واحدة ، وذاك أنّ المخبرين (بهذه المعجزات) (٢) لو كـانوا يرجعون فيها إلى طائفة نشـأت بعد رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ابتدعتها ، ولم يُعرف القول بذلك قبلها ، لظهر أمرها ، وعُلم وقت منشـئها ، وخلوّ الزمان قبلها (من راو لها) (٣) ، لا سـيّما مع تتبّع أعداء الملّة لأحوال أهلها ، واطّلاعهم في سـرّ الشـريعة وكـثير من أخبارها ، وحرصهم على وجود الطعن عليها ، والتمكّن من القدح فيها.
وكذلك لو كان الّذين في وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) [هم] (٤) المفتعِلين ، لوجب ما ذكـرناه من ظهور أمرهم في العالمين!
وكـيف لا يُظهر الله تعالى أحوالهم (وإطلاع الأخيار) (٥) بباطن أُمورهم؟! والتواتر حجّة الله تعالى في الخلق ، وأحد الأدلّة التي نصبها لمعرفة الحقّ ، فوجب في حكـمته أن يُعيـنَ على إظهار أمر المفتعِليـن ، لا سـيّما إذا كـان ذلك مختصّـاً بالدين ، كي لا تشـتبه (٦) حججه ، ولا يجد المسـتدلّ بالسـمع وجهاً يدرك الصواب معـه.
وهذا بيـان في إثبات المعجزات شـاف ، وهو في إثبات النصّ الجليّ ـ أيضـاً ـ كـاف.
فعندها تحيّر المعتزلي واليهودي جميعاً ، ورأى كـلّ واحد منهما أنّـه قد لزمه الإقرار بما لم يزل ينكـره ، ولم يجد اليهودي سـبيلا يسـلكـها في
__________________
(١) في «أ» و «ب» : «الطريقين».
(٢) في «أ» : «بالمعجزات».
(٣) في «أ» : «ممّن يقول بقولها».
(٤) أضفناه لاقتضاء المعنى.
(٥) في «ب» : «ونشـر الطباع للأخبار» ؛ وفي «ج» : «وييسّر الطبائع للإخبار».
(٦) في «أ» زيادة : «عليه».