وهذا باب متى فتحناه أفسـدت الطرق بيننا وبين العلم بأخبار الناس ، ووجب أن لا نثـق من ذلك إلاّ بما أدركـنا بالحواسّ.
فقـد بان لك رجوع كلامـك إليـك ، كما تبـيّن لك توجّـه طعنك عليـك.
وشـيء آخر إن اعتبرته حَسَمَ في الإمامة شـنعتك ، وإن اعتمدته أذهب في النبـوّة تعبك (١) ، وهو :
إنّ أوائلنا لو (٢) كانوا ـ كما زعمت ـ بعد زمن رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وافتعلوا خبر النصّ ، وأخبروا به ، لعلمت حالهم ، وعرف الزمان الذي كان فيه بدؤهم ومنشـأُهم ، ولم يجز أن يسـتتر (٣) أمرهم ، كـما يسـتتر (٤) حال كـلّ طائفة نشـأت في الإسـلام بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وعُرف بدؤها وحالها ، وخلوّ الزمان قبلها ممّن يقول بقولها ، لا سـيّما مع كـثرة تتبّعكـم ـ معشـر النصّاب ـ للشـيعة وأحوالها ، وحرصكـم على وجود عثرة لها ، وفي عدم العلم بأوّل ظهر للشـيعة بعد رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مذهبها ، أو دعوىً سُمعت في ذلك يلتبس الأمر بها ، دلالة على أنّهم صادقون في ما نقلوه ، وأوّلهم كـآخرهم في ما حملوه ، وأنّهم شـاهدوا رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وحضروا النصّ وسـمعوه.
فاعتبر ما ذكرت تجده صحيحاً ، وانظر إليه نظر منصف تره لائحاً!
واعلم أنّـه مسـتمرّ في النبـوّة كاسـتمراره في الإمامـة ، وأنّ
__________________
(١) في «أ» : «يقينك».
(٢) في «ب» : «إن».
(٣) في «ب» و «ج» : «يسـتر».
(٤) في «ب» و «ج» : «يسـتر».