أقـول :
إنّ السجود لله عزّ وجلّ عبارة عن غاية الخضوع والتذلّل له ، أمّا تكويناً ، فالإنسان والحيوانات والجمادات كلّها خاضعة له ؛ قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّماوَاتِ وَمَن فِي الأرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ) (١) والإنسان مكلّف بذلك أيضاً ، إذ خوطب بقوله عزّ وجلّ : (فَاسْجُدُوا للهِ وَاعْبُدُوا) (٢).
وهذا السجود لا يكون إلاّ لله عزّ وجلّ ، ولا يشركه فيه أحدٌ من خلقه ، بالضرورة من الدين ، فتفيد الأحاديث أنّه «لو» أُمر بالسجود بهذا المعنى لغير الله لكان «الزوج» و «مَن توسّط في علوم عليّ» وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
ثمّ إنّ من لوازم السجود بالمعنى المذكور هو الطاعة المطلقة والانقياد التام لجميع التكاليف الإلهيّة ، ومقتضى المنع عن أن يسجد أحد لأحد هو المنع عن الإطاعة المطلقة لأحد من الناس ، إلاّ من قام الدليل على وجوب إطاعته كذلك ، وهو النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، كما في قوله تعالى : (مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله) (٣) ، وسائر أهل العصمة كما في قوله تعالى : (أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ) (٤).
__________________
(١) سورة الحج ٢٢ : ١٨.
(٢) سورة النجم ٥٣ : ٦٢.
(٣) سورة النساء ٤ : ٨٠.
(٤) سورة النساء ٤ : ٥٩.