شعوبيّته ، ومع ذلك فقد نصّ ابن خلّكان على عصبيّته على العرب بقوله : «وكان يفخر على العرب ...» ، ونعني به ديك الجنّ : عبـد السلام بن رغبان ... الكلبي الذي ولد بمدينة حمص ، وتوفّي في خلافة المتوكّل سنة ٢٣٥ هـ.
ثمّ ينقل كلام الجهشياري فيقول : وإذا علمنا أنّه كان متشيّعاً ، وأنّه كان ماجناً خليعاً عاكفاً على اللهو والقصف ـ كما يقول ابن خلّكان ، وهذا من مظاهر الشعوبية ـ فقد حقّ لنا بعد هذا أن ننظمه في سمط الشعوبية ، كما فعل الأُستاذ السباعي مع بشّار والخريمي وغيرهما (١).
أقول : إنّ العبارات المنسوبة لديك الجنِّ والأبيات المارّة الذكر ، ليست حجّة لأُولئك الكتّاب والأُدباء ، الذين أدرجوا الشاعر في صنف الشعوبية ، بعدما عرفت أنّ ديك الجنِّ ليس فارسيّاً ، ولا روميّاً ، ولا من الترك ، أو الهنود أو ... بل هو عربيٌّ أصيل ، وأنّه ينتمي إلى بني كلاب ، فهو تميمي كلبي حمصي.
إذن هو من قبيلة عربية ، وولاؤه عربي ، ومنشؤه وموطنه بلاد العرب ، أي : الشام التي عرفت بحضارتها منذ آلاف السنين.
ثمّ إنّ الشاعر لم يبرح وطنه إلى بلاد أخرى ، ولم يتكسّب بشعره ، ولم يدخل بلاط الحكومة ، ولم يختلط مع ساسة البلاد ووعّاظ السلاطين ... فأي عذر لهؤلاء عندما صنّفوا الشاعر في حقل الشعوبية ...؟!
__________________
(١) مظاهر الشعوبية : ٣١٤ ، وتاريخ الأدب العربي : ٣ / ٢٩٢ ، والشعوبية : ٧٤.