يك الجنّ والفخر
من شأن كلِّ أديب أو شاعر أن يفتخر بأدبه ، وشاعرنا ـ على أنّه عربي أصيل ينتمي إلى بني كلاب ـ يفتخر بهذا النسب ، كما أنّه يمدح كسرى وقيصر ؛ لأنّهما أهل حضارة عريقة ، وقد أخذ عليه النقّاد هذا اللون من المدح حتّى رموه بالشعوبية ، ياليتهم عرفوا معنى الشعوبية؟! والذي صدر إنّما لقلّة معرفة ، وعدم وضوح هذا المصطلح عند الكثير ...
بين الفخر والشعوبية
الفخر : هو مدح الإنسان نفسه أو قبيلته بما له ولها من المنزلة والفروسية والمآثر في السلم والحرب ، وهو غرض عرفته جميع العصور الأدبية ، وإذا كسدت بضاعة هذا الفنّ في صدر الإسلام فقد راجت سوقه في العهد الأُموي ، وما بعده من العصور.
وقد افتخر الشاعر بعقيدته ومذهبه في قصائده ، وأجاد في سبك معاني قصائده تلك ، وذهب يتغنّى ويفخر بأمجاده ، ولكن في قصائد أخرى يتحمّس الشاعر ؛ لينتقل إلى ربوع الشام المتاخمة للروم مهد القياصرة.
وهكذا يدفع بنفسه فيذكر الأكاسرة ؛ لما لهم من قديم حضارة وتراث ، وفي ذلك يقول مفتخراً :
إنِّي بِبَابكَ لاَوُدّي يُقَرّبني |
|
ولا أَبي شَافِعٌ عِندي ولا نَسَبي (١) |
__________________
(١) ثمار القلوب في المضاف والمنسوب : ٦٠٤ ، ديوان ديك الجن : ١٥٦ ، ديوان الشاعر تحقيق (مهنّا) : ٢٩.