وَكَرىً يُرَوّعُنِي سَرَى لو أنّه |
|
ظِلٌّ لكانَ الحَرَّ واليَحْمُوما (١) |
مَرَّتْ بِقَلْبي ذِكْرَياتُ بَنِي الهُدى |
|
فَنَسِيتُ مِنْهَا الرَّوْحَ والتّهويما (٢) |
وَنَظَرْتُ سِبطَ محمّـد في كَربلا |
|
فَرْداً يُعاني حُزْنَهُ المَكْظوما |
تَنْحو أضالِعَهُ سيُوفُ أُمَيَّة |
|
فتراهُم الصّمصُوَم فالصّمصوما (٣) |
فالجِسمُ أضحى في الصّعِيدِ موزّعاً |
|
والرّأسُ أمسى في الصِعاد كَريما (٤) |
يُطْلِعُنا الشاعر في هذه الأبيات على صورة من أحاسيسه الصادقة تجاه أرض البطولات التي أضحت الأجساد فيها مبضّعة بسيوف الطغاة.
لقد أصبح الشاعر ديك الجنّ ـ لهول تلك المصائب ـ طريح الفراش ، مريضاً يتلوّى من الألم ، فلم يجد للحياة من لذّة أو طعم حلو المذاق ، بل وحتّى النسيم من الهواء إذا مرّ به فلا يجد له اُنساً بل كأنّه ريح السموم.
ثمّ يصف الشاعر حزنه وما انطوت عليه نفسه ، فأمّا عيونه فالدموع تنحدر غزيرة على خدّيه الملتهبين ، ولو كان دمعه مطراً ، لما كان له انقطاع.
أمّا وساوسه لو كانت مألوفة تؤكل لكانت أشدّ مرارة وقذارة من غسالة أهل النار وصديدهم ، وأشدّ مرارة من شجر الزقّوم.
ثمّ يتذكّر الشاعر ما جرى لأبناء عليّ عليهالسلام ، وما حلّ بهم فيقول : نسيت راحتي ونومي ، ثمّ نظرت سبط النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في كربلاء وحيداً مثخناً
__________________
(١) كرى : نعاس. اليحموم : الدخان الأسود.
(٢) الرّوح : الرحمة ، الاستراحة. التّهويم : هزّ الرأس من النعاس.
(٣) تنحو : تقصد. الصمصوم : ربما كانت بمعنى الماضي في الأمر ، المصمّم.
(٤) الصعيد : التراب. الصعاد : الرماح.