شهرته الأدبية :
فاقت شهرة ديك الجنِّ كلَّ الأمصار والبلدان ، وأصبح شعره يردّد على الألسن وتتناقله الركبان والشعراء ، حتّى صار البعض منهم يبذل الأموال للقطعة من شعره ، كما أنّ شعراء العراق قد افتتنوا بشعره وهو في الشام.
وفد عليه أبو تمام واستعان به ، أي بديك الجنّ ، ولمّا ألمّ الفقر بالطائي مدّة ، ناوله عبـد السلام قطعة من شعره ، وقال له : يا فتى اكتسب بهذا واستعن به على قولك ؛ فنفعه في العلم والمعاش (١).
قال عبـد الله بن محمّـد بن عبـد الملك الزبيدي : كنت جالساً عند ديك الجنِّ ، فدخل عليه حَدِث فأنشده شعراً عمله ؛ فأخرج ديك الجنِّ من تحت مصلاّه درجاً كبيراً فيه كثير من شعره فسلّمه إليه ، وقال : يا فتى تكتسب بهذا واستعن به على قولك ، فلمّا خرج سألته عنه ، فقال : هذا فتى من أهل جاسم ، يذكر أنّه من طيء ، يكنّى أبا تمّام ، واسمه : حبيب بن أوس ، وفيه أدب وذكاء ، وله قريحة وطبع (٢).
نستخلص ممّا تقدّم :
أوّلاً : إنّ أبا تمّام أخذ من ديك الجنِّ ، وتأدّب عليه ، وتعلّم منه.
ثانياً : كما يظهر من الروايتين السابقتين أنّ الشاعر ديك الجنِّ كان كريماً سخيّاً حتّى في شعره ، وهذا على العكس من بقية الشعراء إذ أنّهم كانوا يحرصون كلّ الحرص أن لا يفوقهم أحد عليهم وأن لا يتكسّبوا
__________________
(١) أعيان الشيعة : ٨ / ١٢.
(٢) وفيات الأعيان : ٣ / ١٨٤.