فيرسل على الشاعر ليلاً فيأتيه ، ويسأله عن أبيات قالها الشاعر ؛ لأنّ المتوكّل فزع منها وأقلقت مضجعه ، والأبيات هي :
أَصْبَحتُ جَمَّ بَلابِلِ الصدَرِ |
|
وَأبلَيتُ مَطوِيّاً عَلى الجَمْرِ (١) |
اِن بُحْتُ يَوماً طَلّ فيهِ دَمِي |
|
وإنْ سَكتُ يَضِيقُ بِه صَدْرِي (٢) |
فقال المتوكّل مخاطباً الكراكدان : قلْ لي ما يطلّ به دمك ويضيق صدرك؟
فقال : ولي الأمان؟
فقال : قل ، ولك الأمان.
فقال :
مِمّا جَنَاه عَلى أبي حَسَن |
|
عُمرٌ وصاحِبُهُ أَبُو بَكْرِ |
جَعَلُوكَ رَابِعَهم أبا حسن |
|
مَنَعُوكَ حَقَ الإرثِ والصِهرِ (٣) |
وإلى الخِلاَفَةِ سَابَقُوك وما |
|
سَبَقُوك فِي أُحُد ولا بَدْرِ |
وَقَتَلْتَ فِي بَدْر مَشَائِخَهُم |
|
فَلأَجْلِ ذَا طَلَبُوكَ بِالوتْرِ |
فَعَلى الذي يَرْضى بِفِعْلِهِم |
|
أضْعافَ ما حمَلوا مِنَ الوِزْرِ |
ثمّ يتسلسل الشيخ البحراني في سرد القصّة وما فيها من محاورة المتوكّل للشاعر ، حتّى يستخلّصا بكفر يزيد وأسلافه الأمويّين ، الذين ما آمنوا بدين ولا نبيّ وإنّما أعمتهم الرئاسة ، وأنّ الملك لعقيم (٤).
وذكر الشيخ شبيه هذه القصّة وتلك المحاورة ، بين الرشيد والشاعر
__________________
(١) في الديوان «وَأبِيتُ مُنْطَوِيّاً عَلى الجَمْرِ».
(٢) في الديوان : «وَلَئِنْ كَتَمْتُ يَضِيقُ بِه صَدْرِي».
(٣) في الديوان «ظَلَموا وَرَبِّ الشفع والوترِ».
(٤) الكشكول : ٣ / ٢٩ ـ ٣٣.