واحدة مثله.
والواقع التاريخيّ
شاهد حيّ على عجز الجميع عن الإتيان بمثل آياته المباركة الى يومنا هذا ، برغم
أنّه صلىاللهعليهوآله تحدّى بذلك قريشا على رءوس الأشهاد ، فكذّبوه واستهزءوا به
، وبهتوه ونعتوه بالسّحر والجنون وغيرهما ، ثمّ اختاروا المنازلة الصّعبة معه ،
فناصبوه العداء ، وهجروه وحاصروه في شعاب مكّة مع قومه وعشيرته ، ثمّ حاربوه في
منازلات عديدة ، وجرت بينهم الدّماء ، وأخيرا كانت الغلبة والنصر له صلىاللهعليهوآله ، فآمن من آمن منهم طوعا أو كرها أو رغبة ، وأظهر آخرون
منهم الإيمان وأبطنوا كفرهم نفاقا.
وبقي التحدّي دون
أن يتجرّأ على الإتيان بمثله أحد منهم ، وفيهم البلغاء والفصحاء والشعراء ، إلّا
بعض الحمقى والمغفّلين أمثال مسيلمة الكذّاب ، ممّن استهزأ بهم وبأقوالهم السخيفة
العرب قبل غيرهم. وهكذا بقيت الآيات القرآنية الشريفة شامخة منيعة ، برغم مرور
القرون المتوالية ، وتعاقب الأجيال العديدة ، وتنامي الحضارة الإسلامية ،
ومنازلتها لسائر الملل والنحل الكافرة ، التي كانت تسعى بشتّى الوسائل أن تصدّ عن
انتشارها ، وتحاول النيل من هذه الآيات التي كانت تتلى آناء اللّيل وأطراف النّهار
، ولكنّهم في جميع الظروف والأحوال ، عجزوا عن أن يتحدّوا المسلمين ويأتوا ولو
بآية واحدة ، وصدق الله العليّ العظيم حيث قال : (قُلْ لَئِنِ
اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا
يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً).
* * *
منذ الصدر الأوّل
وإلى يومنا هذا عكف الآلاف من القرّاء والمحدّثين والبلغاء والفصحاء والفقهاء
واللّغويّين ، وغيرهم ـ من أصحاب القدرات العلميّة الجبّارة ،