الشّبهة في هذا
الباب إليه ؛ لأنّ المعترض بها كأنّه يقول : إنّ القوم المتمكّنين من المعارضة
انصرفوا عنها للغرض الّذي ذكره. فهو مخالف لطريقة ثبوت الدّواعي ، وإنّما ذكرنا
هذه لئلّا يظنّ ظانّ خلافه.
وإنّما لم نذكر ما
لا يزالون يتعلّقون به من قولهم : لعلّه عليهالسلام تعمّل للقرآن دهرا طويلا ، فتأتّى منه ما لم يتأتّ منهم ،
أو لأنّه كان أفصحهم.
ولم نذكر أيضا ما
يتعلّقون به ويجعلونه كالمانع من فعل المعارضة ، مثل قولهم : إنّه بدأهم بالحرب ،
وشغلهم بها عن المعارضة ، وقولهم : إنّهم امتنعوا منها لخوفهم من أوليائه وأنصاره
؛ لأنّ هذا من قائليه اعتراف بتعذّر المعارضة ، وهو الّذي قصدناه بهذا الفصل.
وإن كان مع
اعترافه بالتعذّر قد ادّعى دخوله فيما جرت العادة بمثله ، وبطلان ذلك يأتي في فصل منفرد من بعد ،
بمشيئة الله تعالى. ونحن الآن نجيب عمّا أوردناه شيئا فشيئا.
أمّا الجواب عمّا
ذكرناه أوّلا من المنازعة في حصول الدّواعي إلى المعارضة وتوفّرها : فواضح أنّا قد
علمنا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله استنزل العرب عن رياستهم وعاداتهم وعباداتهم ، وأوجب عليهم
كلفا تتعب نفوسهم وأجسامهم ، وحقوقا تثلم أموالهم وأحوالهم ، وطالبهم بأن يقطع
الرّجل منهم في الدّين نسبه ورحمه ، بل يبرأ منهما ويجاهدهما ويتربّص إيقاع غاية
المكروه بهما ، إلى غير ما ذكرناه ممّا يزعج يسيره النّفوس ، ويهيج الطّباع ،
وتبلغ الدّواعي في دفعه وطلب الخلاص منه إلى حدّ الإلجاء.
هذا ، لو لم يصب
هذه الأمور الّتي عددناها من القوم فضل حميّة وإباء ، وعزّ
__________________