وليس لقلّة العدد من هذا الباب تأثير ، إذا كان النّقل فيما تقوم به الحجّة والخوف والتقيّة ، لمّا إن حصلا من باب النصّ لم يؤثّرا في انقطاع نقله ويمنعا من روايته ، وإنّما منعا (١) من التّظاهر به في بعض الأحوال ، والنّقل ثابت مع ذلك غير منقطع.
فقد كان يجب ـ قياسا على ما جرى ـ أن (٢) يحصل نقل المعارضة ويتّصل عمّن ذكرنا وفور دواعيه وقوّتها إلى النقل ، ولا يكون كتمان من كتمها وعدل عن نقلها ـ لأجل الرئاسة أو غيرها من ضروب الدّواعي ـ موجبا لانقطاع نقلها ، من جهة من لم يحصل له مثل هذا الدّاعي ، بل هو على ضدّه ، ودواعيه كلّها متوفّرة إلى النّقل والحفظ.
ولا يكون أيضا الخوف مانعا من نقلها ، وموجبا لدروسها وانقطاعها (٣) ، كما لم يكن موجبا مثل هذا في النّصّ. وكان الملزم لنا ما ذكرناه.
والحائل للمعارضة على النصّ يقول : إذا جاز أن يعدل عن نقل النصّ من دعته الدّواعي إلى كتمانه من فرق الأمّة ، وينقله من جملتهم من دعته الدّواعي إلى نقله ، فألّا جاز أن تقع معارضة القرآن ويعدل عن نقلها من علمنا توفّر دواعيه إلى النقل ، ومن جوّزنا أن يكون له داع إلى تركه ، حتّى يطبق الخلق على ترك النّقل ، مع علمنا بتوفّر دواعي أكثرهم إليه؟
وهذا من أوضح المعارضات فسادا وأبعدها من الصّواب ، اللهمّ إلّا أن يقول : إذا جاز في النصّ ما ذكرتموه ، فألّا جاز مثله في المعارضة؟ (ومن قبل ذلك لم
__________________
(١) في الأصل : منعنا ، وما أثبتناه مناسب للسياق.
(٢) في الأصل : في أن ، وهو غير مناسب للسياق.
(٣) في الأصل : لدروسه وانقطاعه ، والمناسب ما أثبتناه.