ولو أنّه ادّعى
النّبوّة والمزيّة ولم يظهر شيئا يدّعي به الإبانة والتخصيص أكثر من قوله : إنّ
التّوراة كلام الله تعالى وأنّه يوحى بها إليّ ، لكان يجب على من حاجّه وقصد إلى
إبطال أمره أن يساويه فيما احتجّ به ، ويظهر كلاما يدّعي فيه ما ادّعاه موسى عليهالسلام في التوراة ، ليبيّن للنّاس أنّه كغيره وأنّه لا مزيّة له.
وليس هكذا نبيّنا صلىاللهعليهوآله ؛ لأنّا نعلم ظهور شيء على يده ، وادّعى به المزيّة
والإبانة ، واحتجّ به في جميع الأحوال ، فجرى مجرى القرآن.
وليس لأحد أن يقول
: فلعلّ تعويله في دلالة نبوّته إنّما كان على معجزاته الّتي ليست بقرآن ، كانشقاق
القمر ، والميضأة ، وحنين الجذع ، وما شاكل ذلك ، فلا يثبت لكم معنى التحدّي
في القرآن من حيث ظهر عليه ، إذا كان قد أغنى عنه في باب الحجّة ؛ وذلك لأنّا قد
بيّنا أنّ المعلوم من قصيده صلىاللهعليهوآله في إضافته إلى ربّه تعالى ، وانتظار نزول الملك به طريقة
الاحتجاج وادّعاء المزيّة ، فحاله إذن كحال غيره من المعجزات ؛ إن ثبت أنّها ظهرت
وادّعى بها النبوّة على حدّ ظهور القرآن.
فكيف وليس ذلك
بثابت ؛ لأنّه لا شيء من معجزاته ـ سوى القرآن ـ يعلم ظهوره واحتجاجه وفزعه إليه
على حدّ العلم بالقرآن؟!
وإنّما يرجع في
إثبات هذه المعجزات إلى ضروب من الاستدلال والطّرق التي يعترضها كثير الشّبهات ،
ولا يحتاج إلى شيء منها في القرآن.
__________________