قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الموضح عن جهة إعجاز القرآن

الموضح عن جهة إعجاز القرآن

158/344
*

رحلت ناقتي ، ثمّ أخذت بزمامها. فقدت بها (١) حتّى أتيت ذبابا ـ وهو جبل بالمدينة ـ ثمّ ناديت بأعلى صوتي : أجيبوا أخاكم أبا لبينى!

فجاش صدري كما يجيش المرجل (٢) فعقلت ناقتي ، وتوسّدت ذراعها ، فأقمت حتّى قلت مائة وأربع عشرة قافية! فبينا هو ينشدهم ، إذا طلع الأنصاريّ حتّى انتهى إليهم ، فقال :

أما إنّي لم آتك لأعجلك عن الأجل الذي وقّتّه لك ، ولكنّي أحببت ألّا أراك إلّا سألتك ما صنعت؟ فقال له الفرزدق : اجلس ، ثمّ أنشده.

عزفت بأعشاش ، وما كنت (٣) تعزف

فأنكرت (٤) من حدراء ما كنت تعرف (٥)

و «أبو لبينى» الّذي ناداه الفرزدق في هذه القصيدة هو الذي يقال : إنّه شيطان الفرزدق والمظاهر له على قول الشّعر والملقية إليه ، كما قالوا : إنّ عمرا شيطان المخبّل السّعديّ (٦) ، وإنّ مسحلا شيطان الأعشى. وأنشدوا في ذلك قول الأعشى :

دعوت خليلي مسحلا ، ودعوا له

جهنّام ، جدعا للهجين المذمّم (٧)

وهو الّذي يعنيه بقوله في هذه القصيدة أيضا :

حباني أخي الجنّيّ ، نفسي فداؤه

بأفيح جيّاش من الصوت خضرم (٨)

__________________

(١) في الأغاني : فقدتها.

(٢) المرجل : قدر من نحاس ، وقيل : يطلق على كلّ قدر يطبخ فيها.

(٣) في الديوان والأغاني : كدت.

(٤) في الديوان : وأنكرت.

(٥) شرح ديوان الفرزدق لإيليا حاوي ٢ / ١١٣.

(٦) هو ربيعة بن مالك بن ربيعة بن عوف السّعديّ ، من بني تميم ، شاعر فحل من مخضرمي الجاهليّة والإسلام ، هاجر إلى البصرة وعمّر طويلا ، مات في حكومة عمر أو عثمان ، له شعر كثير جيّد.

(٧) ديوان الأعشى / ١٨٣. جهنّام : تابع مسحل ، من الجنّ.

(٨) ديوان الأعشى / ١٨٤. وفيه : بأفيح جيّاش العشيّات خضرم.