فأعاد عليه ذلك ثلاث مرّات ، ثمّ أقبل عليّ عليهالسلام وقال : يا معاشر المسلمين والمهاجرين والأنصار أنشدكم الله ، أسمعتم رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول يوم غدير خمّ كذا وكذا ، وفي غزوة تبوك كذا وكذا فلم يدع شيئا قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله علانية للعامّة إلّا ذكّرهم به إيّاها ، قالوا : اللهم نعم ، فلمّا أن تخوّف أبو بكر أن تنصره الناس وان يمنعوه منه بادرهم فقال له : كلّما قلت حقّا قد سمعناه بآذاننا وعرفناه ووعته قلوبنا ولكن سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول بعد هذا : انّا أهل بيت اصطفانا الله تعالى واختار لنا الآخرة على الدنيا ، فإنّ الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوّة والخلافة ، وقال عليّ عليهالسلام : هل أحد من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله شهد هذا معك؟ فقال عمر : صدق خليفة رسول الله قد سمعت منه كما قال، وقال أبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل : قد سمعنا ذلك من رسول الله فقال لهم عليّعليهالسلام : قد وفيت بصحيفتكم التي تعاهدتم عليها في الكعبة إن قتل الله محمّدا أو مات لتذرون هذا الأمر عنّا أهل البيت فقال أبو بكر : فما علمك بذلك؟ ما اطلعناك عليها فقال عليّ عليهالسلام : يا زبير وأنت يا سلمان ، يا أبا ذرّ وأنت يا مقداد أسألكم بالله وبالإسلام ، أسمعتم رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول ذلك وأنتم تسمعون أنّ فلانا وفلانا ـ عدّ هؤلاء الأربعة (١) ـ قد كتبوا بينهم كتابا وتعاهدوا فيه وتعاقدوا أيمانا على ما صنعوا إن قتلت أو متّ أن يتظاهروا عليك وأن يردوا عنك هذا الأمر يا عليّ؟ قلت : بأبي أنت يا رسول الله فما تأمرني إذا كان ذلك؟
فقال : إن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم ونابذهم وإن لم تجد أعوانا فبايع واحقن دمك وقال : اما والله لو انّ أولئك الأربعين الرجال الذين بايعوني وفوا إليّ لجاهدتكم في الله ، وقال عمر : أما والله لا ينالها أحد من عقبكما إلى يوم القيامة ، ثمّ نادى عليّ عليهالسلام قبل أن يبايع والحبل في عنقه : يا ابن أمّ إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ثمّ تناول يد أبي بكر فبايع ، فقيل للزّبير : بايع فأبى فوثب إليه عمر وخالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة واناس معهم ، فانتزعوا سيفه فضربوا به الأرض فقال الزبير : يا ابن صهاك ، أما والله لو أنّ سيفي في يدي لحدت عنّي ، ثم بايع. وقال سلمان ثم أخذوني فوجئوا في عنقي حتّى تركوه كالسلعة ، ثمّ أخذوا يدي فبايعت مكرها ، ثمّ بايع أبو ذر والمقداد مكرهين ، وما أحد من الأمة بايع مكرها غير عليّ واربعتنا ، ولم يكن منّا أشدّ قولا أحد من الزبير فانّه لمّا بايع قال : يا ابن صهّاك أما والله لو لا هؤلاء الطغاة الذين أعانوك لما كنت تقدم علي ومعي سيفي لما أعرف من جبنك ولؤمك ، ولكن وجدت طغاة تقوى بهم وتصول ، فغضب عمر وقال : أتذكر صهّاك؟ فقال : وما يمنعني وقد كانت صهّاك زانية؟ أتنكر ذلك؟ أوليس كانت أمة لجدّي عبد
__________________
(١) في المصدر : الخمسة.