تأخذ عليّ حكم الله رشوة» قال شريح : فأبلغته يوم لقيته فتغمر وقال : متى كنت قابلا مشورة علي أو منيبا إلى رأيه أو معتمدا بأمره؟ فقلت : وما يمنعك يا ابن النابغة أن تقبل من مولاك وسيد المسلمين بعد نبيهم مشورته؟ لقد كان من هو خير منك أبو بكر وعمر يستشيرانه ويعملان برأيه فقال : إن مثلي لا يكلّم مثلك فقلت : بأيّ أبويك ترغب عن كلامي بأبيك الوشيظ أم بأمك النابغة؟ فقام من مكانه وقمت (١).
السابع والعشرون : ابن أبي الحديد أيضا قال روي أنه رفع إلى عمر صك محله في شعبان فقال : أي شعبان الذي مضى أم نحن فيه؟ ثم جمع أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : اصنعوا للناس تاريخا يرجعون إليه فقال قائل منهم ، اكتبوا على تاريخ الروم فقيل : إنه يطول وإنه مكتوب من عهد ذي القرنين، وقال قائل : اكتبوا على تاريخ الفرس ، كلّما قام ملك طرحوا ما كان قبله فقال علي عليهالسلام : «اكتبوا تاريخكم منذ خرج رسول الله من دار الشرك إلى دار النصرة وهي الهجرة» فقال عمر : نعم ما أشرت به ، فكتب التاريخ للهجرة بعد مضي سنتين ونصف من خلافة عمر (٢).
الثامن والعشرون : قال ابن أبي الحديد : وأما عمر فقد عرف كل أحد رجوعه إليه يعني عليّا عليهالسلام في كثير من المسائل التي اشكلت عليه وعلى غيره من الصحابة ، وقوله غير مرّة : لو لا عليّ لهلك عمر ، وقوله : لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو حسن ، وقوله : لا يفتينّ أحد في المسجد وعلي حاضر (٣).
التاسع والعشرون : وقال ابن أبي الحديد ، ذكر عند عمر بن الخطاب حلي الكعبة وكثرته فقال قوم : لو أخذته وجهزت به جيوش المسلمين كان أعظم للأجر ، وما تصنع الكعبة بالحلي؟ فهمّ عمر بذلك وسأل عنه أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : «إن القرآن نزل على محمّد صلىاللهعليهوآله والأموال أربعة : أموال المسلمين فقسّمها بين الورثة في الفرائض ، والفيء فقسمه على مستحقيه ، والخمس فوضعه الله حيث وضعه ، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها ، وكان حلي الكعبة عليها يومئذ فتركه الله على حاله ولم يتركه نسيانا ، ولم يخف عليه مكانا فأقرّه حيث أقره الله ورسوله» فقال عمر : لولاك لافتضحنا. وترك الحلي (٤).
الثلاثون : ابن أبي الحديد قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «لو قد استوت قدماي من هذه المداحض لغيرت أشياء» قال في الشرح : لسنا نشك أنه كان يذهب في الأحكام الشرعية والقضايا إلى أشياء يخالف فيها أقوال الصحابة ، نحو قطعه السارق من رءوس الأصابع وبيعه أمهات الاولاد وغير ذلك، وإنّما كان يمنعه من تغيير أحكام من تقدم اشتغاله بحرب البغاة والخوارج وإلى ذلك يشير
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٢ : ٢٥٤.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٢ : ٧٤.
(٣) شرح نهج البلاغة ١ : ١٦.
(٤) شرح نهج البلاغة ١٩ : ١٥٨.