والحسن والحسين : كنه معرفتهم» قلت : يا سيّدي وما كنه معرفتهم؟ قال : «يا مفضل تعلم أنهم في طير عن الخلائق بجنب الروضة الخضراء فمن عرفهم كنه معرفتهم كان معنا في السنام الاعلى» قال : قلت: عرّفني ذلك يا سيّدي ، قال : «يا مفضل تعلم أنهم علموا ما خلق الله عزوجل وذرأه وبرأه وأنهم كلمة التقوى وخزناء السماوات والأرضين والجبال والرمال والبحار ، وعرفوا كم في السماء نجم وملك ، ووزن الجبال وكيل ماء البحار وأنهارها وعيونها وما تسقط من ورقة إلّا علموها (وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (١) وهو في علمهم وقد علموا ذلك» فقلت : يا سيدي قد علمت ذلك وأقررت به وآمنت قال : «نعم يا مفضل يا مكرم نعم يا طيّب نعم يا محبور ، طبت وطابت لك الجنّة ولكل مؤمن بها» (٢).
الحادي والعشرون : عن أبي ذر في كتاب مصابيح الأنوار قال : كنت سائرا في أعراض أمير المؤمنين عليهالسلام إذ مررنا بواد ونمله كالسيل سار (٣) فذهلت ممّا رأيت فقلت : الله أكبر جلّ محصيه ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «لا تقل ذلك يا أبا ذر ولكن قل : جل باريه (٤) ، فو الذي صوّرك إنّي أحصي عددهم وأعلم الذكر منهم والأنثى بإذن الله عزوجل» (٥).
الثاني والعشرون : عمّار بن ياسر رضي الله عنه قال : كنت مع أمير المؤمنين عليهالسلام في بعض غزواته فمررنا بواد مملوء نملا فقلت : يا أمير المؤمنين ترى يكون أحد من خلق الله يعلم كم عدد هذا النمل، قال : «نعم يا عمّار أنا أعرف رجلا يعلم كم عدده وكم فيه ذكر وكم فيه انثى» فقلت : من ذلك يا مولاي الرجل؟ فقال : «يا عمّار ما قرأت في سورة يس (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) فقلت : بلى يا مولاي قال : «أنا ذلك الإمام المبين» (٦).
الثالث والعشرون : البرسي عن ابن عبّاس قال : لمّا نزلت هذه الآية (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) قام رجلان فقالا : يا رسول الله هو التوراة؟ قال : «لا» قالا : فهو الإنجيل؟ قال : «لا» قالا : هو القرآن؟ قال : «لا» فأقبل أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : «هو هذا الذي أحصى الله فيه علم كل شيء ، وأنّ السعيد كل السعيد من أحبّ عليّا في حياته وبعد وفاته ، وأنّ الشقي كل الشقي من أبغض هذا في حياته وبعد وفاته» (٧).
__________________
(١) الأنعام : ٥٩.
(٢) مدينة المعاجز : ٢ / ١٢٩ ، ومشارق أنوار اليقين : ٥٥.
(٣) في المصدر : الساري.
(٤) في المصدر : بارؤه.
(٥) تأويل الآيات : ٢ / ٤٩٠ ، والبحار : ٤٠ / ١٧٦.
(٦) الامام عليّ للهمداني : ١٤٥ ، وتفسير البرهان : ٤ / ٧ ، وينابيع المودة : ١ / ٢٣٠.
(٧) الصراط المستقيم : ١ / ٢٧٠ ، وينابيع المودة : ١ / ٢٣٠.