الثامن : ابن بابويه قال : حدّثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري قالا : حدّثنا أحمد ابن محمّد بن عيسى عن محمّد بن خالد البرقي عن أحمد بن يزيد النيشابوري قال : حدّثني عمر بن إبراهيم الهاشمي عن عبد الملك بن عمير عن أسيد بن صفوان صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لمّا كان اليوم الّذي قبض فيه أمير المؤمنين عليهالسلام ارتج الموضع بالبكاء ودهش الناس كيوم قبض فيه النبيّ صلىاللهعليهوآله وجاء رجل [باك] وهو متسرّع مسترجع وهو يقول انقطعت خلافة النبوّة حتّى وقف على باب البيت الّذي فيه أمير المؤمنين عليهالسلام وقال : رحمك الله يا أبا الحسن كنت أوّل القوم إسلاما وأخلصهم إيمانا وأشدّهم يقينا وأخوفهم لله عزوجل وأعظمهم عناء وأحوطهم على رسول الله صلىاللهعليهوآله وآمنهم على أصحابه وأفضلهم مناقبا وأكرمهم سوابقا وأرفعهم درجة وأقربهم من رسول الله وأشبههم به هديا وخلقا وسمتا وفعلا وأشرفهم منزلة وأكرمهم عليه فجزاك الله عن الإسلام وعن رسول الله وعن المسلمين خيرا ، قويت حين ضعف أصحابه وبرزت حين استكانوا ونهضت حين وهنوا ولزمت منهاج رسول الله إذ همّ أصحابه وكنت خليفته حقّا لم تنازع ولم تضرع برغم المنافقين وغيظ الكافرين وكره الحاسدين وضغن الفاسقين فقمت بالأمر حين فشلوا ونطقت حين تتعتعوا ومضيت بنور الله إذ وقفوا فاتبعوك فهدوا وكنت أخفضهم صوتا وأعلاهم فرقا وأقلهم كلاما وأصوبهم منطقا وأكثرهم رأيا وأشجعهم قلبا وأشدهم يقينا وأحسنهم عملا وأعرفهم بالأمور ، كنت والله للدين يعسوبا أوّلا حين تفرّق الناس وآخرا حين فشلوا ، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا فحملت أثقال ما عنه ضعفوا وحفظت ما أضاعوا ووعيت ما اهملوا وشمرت إذ اجتمعوا وعلوت إذ هلعوا وصبرت إذ أسرعوا وأدركت ما عنه تخلّفوا ونالوا بك ما لم يحتسبوا ، كنت للكافرين عذابا صبّا وللمؤمنين غيثا وخصبا فطرت والله بنعمائها وفزت بحبائها وأحرزت سوابقها وذهبت بفضائلها لم تفلل حجّتك ولم يزغ قلبك ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك ولم تخن كنت كالجبل لا تحرّكه العواصف ولا تزيله القواصف وكنت كما قال صلىاللهعليهوآله : «ضعيفا في بدنك قويّا في أمر الله متواضعا في نفسك عظيما عند الله عزوجل كبيرا في الأرض جليلا عند المؤمنين» لم يكن لأحد فيك مهمز ولا لقائل فيك مغمز ولا لأحد فيك مطمع ولا لأحد عندك هوادة الضعيف عندك قويّ عزيز حتّى تأخذ له بحقه والقويّ العزيز عندك ضعيف ذليل حتّى تأخذ منه الحقّ والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء شأنك الحق والرفق وقولك حكم وحتم وأمرك حلم وحزم ورأيك علم وعزم فأقلعت وقد نهج السبيل وسهل العسير وأطفيت النيران ، فاعتدل بك الدين وقوي بك الإسلام والمؤمنين وسبقت سبقا بعيدا وأتعبت من بعدك تعبا شديدا