هنـالك قامت العقيلـة زينب فقـالت ، وٱسـمع ما قالـت ، وٱنظـر كيف خطبت ، وهل راعها أو هالها شـيء من تلك المظاهر الهائلة ، وتأمّل في فقرات خطبتها التي قصمت بها الفَقار (١) من ظهر يزيد ، وكانت أشـدّ عليه من ضرب الحسام في يد الضرغام ، وٱنظر كيف صيّرته ـ وهو بتلك
__________________
= فيها يزيد ، فقال :
لعبتْ هاشم بالملك فلا |
|
خبر جاء ولا وحيٌ نزلْ |
لستُ من خندف إن لم أنتقم |
|
من بني أحمد ما كان فعلْ |
* ويقول ابن كثير في البداية والنهاية ٨ / ١٨٠ : وقد زاد بعض الروافض فيها ، فقال :
لعبتْ هاشم بالملك فلا |
|
خبر جاء ولا وحيٌ نزلْ |
* وأورد صاحب العقد الفريد ٣ / ٣٧٤ البيتين ٣ و ٤ المذكورين أعلاه ، وعلّق عليهما المحقّـق قائلاً : بأنّ البيت الثاني من إضافات يزيـد .
* ويقول الطبري في تاريخه ٥ / ٦٢٣ : فقال ـ أي يزيد ـ مجاهراً بكفره ، ومظهراً لشـركه ؛ وذكر الأبيات ٨ ، ٣ ، ٤ ، ٥ ، ٦ ، المذكورة أعـلاه .
أقول : إنّ قصيدة ابن الزِّبَعْرىٰ هذه كانت من الشهرة بمكان حتّىٰ كان يتناقلها الرواة من قبل أن يتغنّىٰ ويتمثّل بأبياتها يزيد ، وبعد أن تمثّل بها يزيد وأضاف فيها ما أضاف من الأبيات ـ في مجالس الشرب والغناء التي كان يقيمها وهو واضع رأس الإمام الحسـين عليهالسلام أمامه ـ ، تناقلها الرواة كلٌّ حسب هواه ، فمنهم من لم يشأ إظهار كفر يزيد بحذفه بعض ما أضافه يزيد من الأبيات ، ومنهم من اتّهم بعضَ الشـيعة بوضعها ، ومنهم من نقلها كما هي أمانةً للتاريخ ، مضيفين إليها ما في ذاكرتهم من الأبيات ؛ ولذا كان هذا الاختلاف في بعض ألفاظ الأبيات التي رويت علىٰ لسانه .
والحاصل : إنّ النتيجة واحـدة ، سواء كانت الأبيات ليزيد أو لابن الزِّبعرىٰ ، فترديد يزيد وتغنّيه بها علىٰ إثر ما يعدّه انتصاراً في واقعتين كبيرتين ـ بل في جريمتين كبريتين ـ سوّدتا وجـه التاريخ ، دليل علىٰ كفره وشركه وٱنحرافه عن الدين والملّـة .
(١) الفِقرة والفَقَرَة والفَقار ـ بالفتح ـ : واحدة فَقار الظهر ، وهو ما تنضّد من عظام الصلب من لَدُن الكاهل إلىٰ العَجب ، والجمع : فِقَر وفَقار ، وقيل : فِقْرات وفِقَرات .
ٱنظر : لسان العرب ١٠ / ٣٠٠ مادّة « فقر » .