يومئـذ فلـم أرَ خفـرة قطّ أنطـق منهـا كأنّـما تنطـق عـن لسـان أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد أومأت إلىٰ الناس أن اسـكتوا ، فارتدّت الأنفاس ، وسـكنت الأجراس (١) ، ثمّ قالت :
« الحمد لله ، والصلاة علىٰ أبي محمّـد وآله .
أمّـا بعـد . .
يا أهل الكوفة ! يا أهل الختل (٢) والغدر ! أتبكون ؟ ! فلا رقأت الدمعة ، ولا هدأت الرنّة ، إنّما مثلكم كمثل التي ( نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا ) (٣) .
وٱندفعت كالسـيل المنحدر ، إلىٰ أن قالت :
أتبكـون وتنتحبـون ؟ !
إي والله فابكوا كـثيراً وٱضحكوا قليلاً ، فلقد ذهبتم بعارها
__________________
= وفـي الاحتجـاج ٢ / ٢٩ و ٣١ : حذيـم بن شـريك الأسـدي ، وفـي مقتـل الحسـين ـ للخوارزمي ـ ٢ / ٤٥ : بشـير بن حذيم الأسـدي ، وفي الملهوف علىٰ قتلىٰ الطفوف : ١٩٢ ـ ١٩٤ : بشـير بن خزيـم الأسـدي ، وفـي الرجـال ـ للشـيخ الطوسي ـ : ٨٨ باب الحـاء : حذيم بن شـريك ، وقد عدّه من أصحاب الإمام عليّ ابن الحسـين عليهالسلام .
(١) الجَـرْسُ والجِـرْسُ والجَـرَسُ : الصوت الخفي ، والحركة والصوت من كلّ ذي صوت ، والجَـرَسُ : الذي يُضرَب به ، والجمع : أجـراس .
ٱنظر : لسان العرب ٢ / ٢٤٨ مادّة « جرس » .
(٢) الختل : تخادع عن غفلة ، خَتَله يختُله ويختِله ختلاً وختلاناً ، وخاتلهُ : خدعه عن غفلة ، والختل : الخديعة .
ٱنظر : لسان العرب ٤ / ٢٤ مادّة « ختل » .
(٣) سـورة النحل ١٦ : ٩٢ .