بعد اليوم ، قتلتم ابن بنت رسـول الله وأَمَّرْتُم ابن مرجانة » (١) .
ولا أسـتحضر مُنْكِراً علىٰ ابن زياد غير هذين الرجلين ، وكلماتهما وإنْ كانت ذات قيمة ثمينة في مثل تلك الأيّام العصيبة والمواقف الرهيبة ، ولكن أيّ شـيء لها من التأثير ؟ !
وما ميلها في تلك التيارات الجارفة والزوابع القاصفة ؟ !
وهل هي إلّا كلمات قيلت وذهبت أدراج الرياح ؟ !
وهل كانت تكفي لإيجاد بواعـث الثورة ، وتكوين الانقلاب علىٰ بني أُميّة وتحرير النفوس وغليان الأفكار وتأجيج النار لطلب الثـار ؟ !
كلّا ثمّ كلّا ، فإنّ الأمر يحتاج إلىٰ أكـثر من ذلك ، يحتاج إلىٰ المثابرة والتعقيب في الخطب الرنانة والكلمات المهيّجة ، وتشـهير المثالب والمسـاوئ ، ونقد السـيّئات ونعيها علىٰ تلك الدولة الغاشـمة والسـلطة الظالمة والحكومة الجائرة .
فإنّ بهذا ومثله تتكوّن في الأُمّة روح ثورة وٱنفجار يكـتسـح ظلم الظالمين ، وتقتلع عروق الجور والاسـتبداد .
قل لي برأيك أيّها الناقد ، أيّ رجالات ذلك العصر كان يقدر علىٰ القيام بتلك المهمّة ، ويقوىٰ علىٰ النهوض بذلك العـبء ؟ !
أليس قصارىٰ أمره مهما كان من البسـالة والجرأة أن يقول الكلمتين والثلاث ، فيقال : خذوه فاقتلوه فاصلبوه في السـبخة أو في الكـناسـة ؟ !
__________________
(١) ٱنظر : أنساب الأشراف ٣ / ٤١٢ ـ ٤١٣ ، تاريخ الطبري ٣ / ٣٣٦ ، مقتل الحسـين ـ للخوارزمي ـ ٢ / ٥٨ ـ ٦٢ ، الردّ علىٰ المتعصّب العنيد : ٤٤ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٤٣٦ ، أُسد الغابة ٢ / ٢١ ترجمة الإمام الحسين ، البداية والنهاية ٨ / ١٥٢ .