فازداد غضب ابن زياد حتّىٰ انتفخت أوداجه ، وقال : عَلَيَّ بـه !
فقام الجلاوزة فأخذوه ، وقامت الأشـراف من الأزد عشـيرته فخلّصوه ، وٱنطلقوا به إلىٰ منزله » .
ولكن هل خلص ونجا من ذلك الطاغية ؟ ! وهل كان آخر أمره إلّا أن أُحضر بين يديه فضرب عنقه صبراً وصلب جثمانه في السـبخة (١) في قصّة طويلة ، وما ظفر ابن زياد به إلّا بعد حرب سـجال وتحريشٍ منه خبيثٍ بين اليمانية والمضرية علىٰ قاعدة التفـرّق (٢) .
نعـم ، ما أنكـر علىٰ ابن زياد إلّا عبـد الله بن عفيف رضوان الله عليه ، وإلّا ذلك الصحابي الضعيف بكلّ مواقع الضعـف ، ألا وهـو زيـد بن أرقم ، فإنّـه حين رأىٰ رأس الحسـين عليهالسلام بين يـدَي بن زيـاد وهو يضربـه بعـوده ، قـال لـه : « ارفع عودك عن هاتين الشـفتين ! فوالله لطالما رأيت رسـول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقبّلهما .
ثمّ بكىٰ زيد ، فقال له ذلك الخبيث : أتبكي لما فتح الله للأمير ؟ ! لولا أنّك شـيخ قد خرفت وذهب عقلك لأخذت الذي فيه عيناك !
فخرج زيد وهو يقول : ملَكَ عبدٌ حرّاً ، أنتم يا معشـر العرب عبيد
__________________
= ٢ / ٥٢٢ ، مجمـع الزوائـد ٥ / ٢٤٠ ـ ٢٤١ ، تـاريـخ الطـبـري ٥ / ٦٢١ حـوادث سـنـة ٢٨٤ هـ ، الخلفـاء الراشـدون ـ للذهبي ـ : ٢٠٩ و ٢١٠ ، البداية والنهاية ٦ / ١٧٦ ـ ١٧٧ و١٨٢ ، تاريخ الخلفاء ـ للسيوطي ـ : ١٦ .
(١) السـبخة : أرضٌ ذات ملح ونَـزٍّ ، وجمعها سِـباخ .
ٱنظر : لسان العرب ٦ / ١٤٨ مادّة « سـبخ » .
(٢) ٱنظر : أنساب الأشراف ٣ / ٤١٣ ـ ٤١٥ ، تاريخ الطبري ٣ / ٣٣٧ ، مقـتـل الحسـين ـ لابن أعثم الكوفي ـ : ١٥٢ ـ ١٥٦ ، مقـتل الحسـين ـ للخوارزمي ـ ٢ / ٥٨ ـ ٦٢ ، الردّ علىٰ المتعصّب العنيد : ٤٤ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٤٣٦ .