وهذه عند الحسـين ـ وهو عَلَمُ الحقّ ، ومنارُ الهُدىٰ ، وجسـمُ روحِ الغـيـرة والإبـاء ـ رزيّـة لا رزيّـة فوقهـا ، ومصـيبة لا مصـيبة أعظـم منهـا .
فعلىٰ من يعتمد الحسـين عليهالسلام في دفع هذه الغائلة (١) ، وتفنيد هذه الضلالة ، وإنقاذ المسـلمين من هذه الورطة المهلكة ؟ !
أَعَلىٰ رجال وكلّهم سـوف يقتلون معه بعلم منه ؟ !
أم علىٰ زين العابدين ، وهو أسـير مشـغول بعلّته ، وقتله أهون عليهم من قتل ذبابة ؟ !
فمَن يقوم للحسـين بهذه المهمّة بعد قتله ؟ !
ومَن ذا يقرع بالحجّة ، ويوضح المحجّة ، ويكشـف الحقيقة ، ويتعقّب القضية ، ويخطب في النوادي الحاشـدة ، والجوامع الحافلة ، تلك الخطبة البليغة ، والحجج الدامغة ؟ !
تصوّر ذلك العصر مليّاً ، وٱسـتوسـع التأمّل في تلك الأوضاع ، وٱنظر هل كان من الممكن أن يقوم بشـيء من ذلك أكبر رجل باسـل ؟ !
وهب أنّ الممكن أن يفادي رجلٌ بنفسـه للحقّ وإبداء الحقيقة ، ولكن هل يمهلوه إلىٰ أن يسـتوفي الغرض ويبلغ الغاية ؟ !
أَوَليس عبـد الله بن عفيف الأزدي ، ذلك البصير الذي ذهبت عيناه ، واحدة يوم الجمل والأُخرىٰ بصفّين ؛ نعم ، ذهبت عيناه ، ولكن فتح الله له في قلبه عشـرة عيون ، وسـقط الجهاد عنه بيده ، ولكن جاهد في لسـانه
__________________
= والعلّامة السيّد علي الحسـيني الميلاني في « نفحات الأزهار » ٤ / ٢٣٦ ـ ٢٤٢ ، فجزاه الله خير الجزاء .
(١) الغائلة : الحِقد الباطن .
ٱنظر : لسان العرب ١٠ / ١٦١ مادّة « غيل » .