فأيٌّ سـخاء هذا السـخاء ؟ ! وأيُّ نفس تلك النفس ؟ !
وٱعجب ثالثاً ـ وهو محلّ الغرض ـ كم كانت سـعة ذلك الموكب السـلطاني وإدارة ذلك الركاب الملوكي ؟ !
وكم كان يحمل من الماء ؟ ! حيث سـقىٰ نفسـه وأعداءه ، سـقىٰ ألف فـارس وألـف فـرس ، وعلىٰ أقـلّ تقدير أنّ النفوس التي كانـت مـع الحسـين عليهالسلام ، من أولاده وأنصاره وعيالاتهم ألف نفس ، وحمولهم (١) ( المِكارَهْ ) التي تحمل خيامهم وأمتعتهم ، وما إليها من قدور وقصاع وطسـاس ، ونحو ألفين من الخيل والبغال غير الإبل ، فتكون النفوس المحتاجة إلىٰ الإرواء بالماء في ذلك الموكب ـ علىٰ أقلّ التقادير ـ خمسـة آلاف أو أربعة آلاف نسـمة ، غير الفضلة الاحتياطية التي سـقىٰ منها الحرّ وأصحابه وخيولهم .
فالموكب الذي يحمل من الماء ما يروي سـتّة آلاف أو سـبعة آلاف نسـمة ، كم ترىٰ يكون ضخامة ملكه وفخامة سـلطانه ؟ !
وإذا صحّ ما رواه الطريحي في « مجمع البحرين » من أنّ الحسين عليهالسلام لمّا نزل كربـلاء اشـترىٰ أرض نينوىٰ والغاضـرية من بني أسـد بسـتّين ألف درهم ، وٱشـترط عليهم أن يدلّـوا زوّاره علىٰ قبـره ويضـيّفـوهم ؛ انـتهىٰ بمعنـاه (٢) ؛ فكـم كان معه من الأموال والنقود التي يكون فضلتها سـتّون ألفـاً ؟ !
وأزيدك شـاهداً علىٰ ذلك من عظمة الملك والسـلطان قضية محمّـد
__________________
(١) الـحُـمُـول : الإبل وما عليها من الهوادج والأثقال .
ٱنظر : لسان العرب ٣ / ٣٣٤ مادّة « حمل » .
(٢) ٱنظر : مجمع البحرين ٥ / ٤٦١ مادّة « كربل » .