وثانيها : كالنظر إلى الآفاق والأنفس ، على سبيل النظام والإحكام المزيل للشكوك والأوهام ، والمحصّل للمعرفة والحكمة في القوّة العاقلة الّتي هي على الجانب الأيمن من النفس ، ويقابله النظر إليها على سبيل الاشتباه الغفلة ، والإعراض عنها ، الناشئة منها الشبه والوسواس في الواهمة ، والمتخيّلة الّتي على الجانب الأيسر منها ، فإنّ الآيات المحكمات بمنزلة الملائكة المقدسة من العقول والنفوس الكلية ؛ لأنها مبادىء العلوم اليقينية ، والمتشابهات الوهميات بمنزلة الشياطين ، والنفوس الوهمانية ؛ لأنها مبادىء المقدمات السفسطية.
وثالثها : كطاعة الرسول المختار والأئمة الأطهار ، عليهم الصلاة والسلام ، في مقابلة متابعة أهل الجحود والإنكار ، وأهل التعطيل والتشبيه ، فكلّ من سلك سبيل الهداية فهو بمنزلة الملائكة الملهمين للخير ، ومن سلك سبيل الضلال فهو بمنزلة الشياطين المغوين بالشرور.
ورابعها : كتحصيل العلوم والإدراكات الّتي هي في الموضوعات العالية ، والأعيان الشريفة ، كالإيمان بالله وملائكته العقلية ، وكتبه السماوية ، ورسله ، واليوم الآخر ، والبعث ، وقيام الساعة ، ومثول الخلائق بين يدي الله ، وحضور الملائكة والنبيين والشهداء والصالحين ، في مقابلة تحصيل العلوم والإدراكات التي هي من باب الحيل والخديعة والسفسطة.
والتأمّل في الأمور الدنياوية الغير الخارجة عن دار المحسوسات ، فإنّ الأوّل يشبه الملائكة الروحانية ، وجنود الرحمن الّذين هم سكان عالم الملكوت السماوي ، والثاني يشبه الأبالسة المطرودة عن باب الله ، الممنوعة من ولوج السماوات ، المحبوسة في الظلمات المحرومة في الدنيا عن الارتقاء ، والمحجوبة في الآخرة عن دار النعيم.