في خلق المركّبات
(وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) (١)
فصل
إن الله سبحانه سخّر السماوات والنجوم ونفوسها الناطقة المدبّرة لها ، والملائكة الموكّلين بها بأمره ، فجعلها في حركاتها المتفنّنة ، وأوضاعها المختلفة ، وعباداتها المتنوعة ، ذوات أفعال وتأثيرات في الأرضين ، والأجرام السفلية ، تأثيرا على سبيل الرشح ، كما أشرنا إليه ، وجعل تلك الأجرام السفلية ذوات تأثّر وانفعال منها تشبه تأثّر النسوان من الذكران من وجه ، لا بمعنى أن السماويات توجد شيئا من الأرضيات ، أو تفيض عليها صورة ، هيهات ما للجسم المظلم الميت وللجسماني المفتقر إليه والإنارة ، والإحياء ، والخلق ، والإبداء (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) (٢) ، بل بمعنى أنها تعدّ القوابل الأرضية والمواد السفلية لفيضان الصور ، والأعراض عليها ، من واهبها الّذي هو الله سبحانه بتوسّط ملائكتة العقلية ، فإنّ الله سبحانه جعل لكلّ شيء من خلقه
__________________
(١) ـ سورة النحل ، الآية ١٣.
(٢) ـ سورة ص ، الآية ٢٧.