في لمّية حركات الأفلاك
(كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ
لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) (١)
فصل
قد دريت أن للأفلاك نفوسا ناطقة ، ذوات إدراكات كلية ، وأن لها في حركاتها مرادا عقليا ، لا حسّيا ، فالآن نفتّش عن ذلك ، أهو أمر حاصل ممكن ، أو غير ممكن؟
فنقول : لا جائز أن تكون أغراضها بالحركة أمرا حاصلا ، وإلّا فما طلبته ؛ لاستحالة تحصيل الحاصل ، ولا أمرا جزئيا دفعيا ، وإلّا فوقفت إن نالت ، أو يئست ، إن كان ممّا لا ينال ، ولا أمرا مظنونا ، كطلب مدح ، أو ثناء ، أو صيت ؛ لأنّ المظنون غير دائم ، ولوجوب حركاتها بإيجاب محرّكها ، واستيجابها لغاياتها ، ولا اهتماما بالعالم السفلي من الأجسام العنصرية لإيصال نفع إليها ، أو شفيقة عليها ، وإن حصل ذلك على سبيل التبعية رشحا للخيرات ؛ لما دريت أن المقصود يجب أن يكون أشرف من القاصد ، ولا يكون لقاصد غرض صحيح في ما دونه ، وما هو أخسّ منه إلّا على وجه الغلط والخطأ ، والأجسام العنصرية حقيرة
__________________
(١) ـ سورة الرعد ، الآية ٢.