وبالجملة : استواء سطح المرآة ، وتقعيره ، وتحديبه ، واستطالته ، وتعريضه ، ممّا يؤثر ويتفاوت به حال المخروط المتوهّم بينهما ، سعة وضيقا ، واستقامة وانعطافا ، من الجانب المقابل إلى جانب يليه ، يمنة أو يسرة ، أو انعكاسه منه إلى خلافه ، كما ثبت في علم المناظر ، وهذه الأوضاع المخروطية مشتركة الاعتبار بين جميع الاحتمالات والشقوق ، من الانطباع والشعاع ، والعلم الحضوري المادي ، وغير المادي.
والفرق بأن وجودها متحقّق على تقدير وجود الشعاع ، متوهّم على التقادير الأخر ، ولا يرجّح بسببها بعض هذه الاحتمالات على بعض ، فكلّ ما له وجه من التأييد على تقدير الشعاع ، فله وجه على التقادير الأخر ، وذلك كرؤية البعيد صغيرا ، والقريب عظيما ، وكرؤية الواحد اثنين للأحول ، ورؤية الجدر والأشخاص في الماء الواقف معكوسة ، والوجه في المرآة مقلوبا ، يمينه يسارا ، ويساره يمينا ، ونقش الخاتم مستويا ، وكرؤية الإصبع إصبعين عند تحديق النظر إلى شيء آخر أقرب منه إلى البصر ، أو أبعد ، ورؤية الأشياء يوم الضباب عظيمة ، ورؤية الكواكب في الأفق أعظم منه في وسط السماء ، وكرؤية الناظر وجهه في المرآة ـ الّتي في سطحها تقعير ـ عظيما إذا كان قريبا جدا ، ثمّ كلما بعدت صار المرئي أعظم ، حتّى إذا بلغت في بعدها إلى أن تصير نقطة البصر بمنزلة مركز سطحها المقعّر بطلت الرؤية ؛ إذ لم يوجد لزاوية مخروط الرؤية وتر حينئذ ، ثمّ إذا جاوز ذلك الحدّ صار صغيرا متنكّسا ، وكلما بعد صار أصغر ، إلى غير ذلك من الأحكام ، فإنّ جميعها ممّا له وجه في كلّ واحد من المذاهب.