نفسه ولا ينازع نفسه ولا يذم نفسه ، لأنه إذا كان الكل منه فهذه المنازعات والمناقضات بين من ومن ولمن ، وإذا اعتبرت أفعال العباد وما جرى منها ويجري فيها من الفساد والنقائص والتضاد علمت على اليقين إنها ليست أفعال إله واحد وفاعل واحد قد أطبق العارفون به إنه أحكم الحاكمين فكيف التبس ذلك على من يقال إنه من عقلاء المسلمين.
ومن عجيب ما يقطع به المجبرة عن المناظرة أن يقال له : هذه المناظرة بيني وبينك في التحقيق أو بين الله تعالى وبين نفسه ، فإن كانت بيني وبينك فقد بطل ما تدعونه من أنه لا فاعل سوى الله تعالى ، وإن كانت المناظرة بين الله تعالى وبين نفسه فهل تقبل العقول إن الله تعالى يناظر نفسه ليغلب نفسه ويعجز نفسه ، ولأن المناظرين إذا كان أحدهما محقا والآخر مبطلا وأحدهما عالما والآخر جاهلا وكانت المناظرة كما زعموا بين الله تعالى ونفسه فكيف يتصور أن يكون الله تعالى عما يقولون علوا كبيرا ، من جانب مبطلا ومن جانب محقا ومن جانب يوصف بجهل ومن جانب يوصف بعلم وهو عالم لذاته ، أن هذا قول المجبرة مما لا يقدم عليه عارف بالله تعالى وبذاته وبصفاته.
ومن عجيب ما يقطع المجبرة المذكورة به أن يقال لهم : هذه الشكوك والجهالات التي تحصل للعباد حتى تحوج المناظرة أو اليقين لا ريب أنها أفعال ، فإن كانت لنا ومنا فقد بطل ما تدعونه من أنه لا فاعل سوى الله تعالى فإن قلتم إنها من الله تعالى فيكون كفرا صريحا واختلاطا قبيحا.
ومن عجيب ما يقحم به المجبرة الذين يقولون إنه لا فاعل سوى الله تعالى وإن كل فعل يظهر عن العباد فهو فعل الله تعالى على التحقيق ، أن يقال لهم : إن كل إنسان يعلم من نفسه أنه يكون جاهلا ثم يصير عالما ثم يكون شاكا فيصير متيقنا ثم يكون ظانا فيصير عالما ، ولا شبهة عند العقلاء إن الجهل