بالمحال ويصدق بالمعجزات الكذابين ويظهر الدلالات الباهرات على يد المبطلين فكيف يبقى لهم طريق إلى إثبات نبوة نبيهم وغيره من الأنبياء؟ ومن أين يعرفون صحة شريعته؟
(ولو أن العبد ليس له فعل فما معنى قوله تعالى " لم تكفرون بآيات الله " (١) " كيف تكفرون بالله " (٢) " لم تصدون عن سبيل الله " (٣) " لم تلبسون الحق بالباطل" (٤).
وعلى هذا فكفر الكافر موافق لرضا الله ومبرز لفعله ، والرضا بقضاء الله وقدره واجب ، ويلزم تعطيل الحدود والقصاص ، وإن المعاصي لا نهى عنها لا الزنا ولا اللواط ولا الشرب ولا القذف ولا السرقة ولا سفك الدماء ولا الطنبور والنرد وغيرها وكلها برضا الله وقدره.
وحكي أن سارقا من المجبرة أرادوا قطع يده فقال : أعوذ بالله من قضائه ، فقال العدلي : أخرجوه فإن قوله هذا أقبح من سرقته.
وكان ينبغي أن لا ينهى عن المنكر على مذهب الجبري ، وكان قول إبليس " رب بما أغويتني " صحيحا على مذهب الجبري).
ولقد رأيت بعضهم يعتذر عن هذا الطعن ويدعي أنهم يعلمون بالضرورة والبديهة أن معجزات نبيهم كانت حقا لتصديقه ، فقلت له : أيها الشيخ هذا من جملة البهت والمكابرة التي أقدمتم عليها ، وقلتم إنكم ما تعلمون أن أفعالكم منكم وإلا إذا كان الله تعالى يجوز أن يضل ويلبس ، بل تذكرون عنه إنه قد أضل ولبس ومنع من الإسلام والطاعات وقهر العباد على الضلال والمعاصي ،
__________________
(١) آل عمران : ٧٠ و ٩٨.
(٢) البقرة : ٢٨.
(٣) آل عمران : ٩٩.
(٤) البقرة : ٤٢ وآل عمران : ٧١.