أفما كان يحسن أن تعطى من جملة صداقها فدكا؟ وهل رواياتهم لمثل هذا إلا زيادة في الحجة عليهم؟ فإن من قد شهدتم إن الأرض صداقها فكيف جاز أن تكذب وتمنع من فدك ، إن هذا من عجائب ما نقلوه ومناقض ما قالوه.
ومن طريف مناقضتهم أيضا ما رواه أبو بكر بن مردويه في كتابه بإسناده قال : نابت أصحاب محمد " ص " نائبة فجمعهم عمر فقال لعلي عليه السلام تكلم فأنت خيرهم وأعلمهم هذا لفظ الحديث.
ومن طريف مناقضتهم أيضا في ذلك روايتهم في صحاحهم بأن عليا أقضاهم وأعلمهم.
٣٥٤ ـ وقد ذكر الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين في الحديث الأول من أفراد البخاري في مسند أبي بن كعب طرفا من ذلك ورووا في كتبهم كان عمر يقول : لا عاش عمر لمعضلة ليس لها أبو الحسن ـ يعني عليا عليه السلام (١). وإن لولا علي لهلك عمر (٢).
فكيف يقال : عن علي عليه السلام وهو بهذا العلم وهذه الأوصاف وقد بلغ من الأمانة والورع والزهادة إلى الغايات ، بأنه يترك زوجته المعظمة في الإسلام تطلب حكما وشيئا لا يثبت لها ، ولا تقبل فيه شهادة شهودها ، وإنه ممن لا يقبل شهادته في ذلك ، ثم يشهد لها ثم يوافقها ويعاضدها في الحياة ويزكيها الوفاة.
ومن طريف الأمور الدالة على تهوينهم بفاطمة بنت نبيهم وبوصايا أبيها فيها وعدم طلبهم لمراضيها أنها تبقى ستة أشهر على ما تقدمت الرواية عنهم في صحاحهم هاجرة لأبي بكر فلا يقع توصل في رضاها ، وقد كان يمكن أبو بكر
__________________
(١) رواه في إحقاق الحق عنه : ٨ / ١٩٤ ، ونحوه الخوارزمي في المناقب : ٥١.
(٢) رواه القندوزي في ينابيع المودة : ٧٠ ، ورواه جمع من الرواة وهو مشهور.