السائرين ومقاماتهم.
وتبتدىء القيامات بالقيامات الأنفسية وهي القيامة الأنفسية الصغرى ثمّ الوسطى ، ثمّ الكبرى ، وتنتهي بالقيامات الآفاقية (١) ، وقد عبّر الشيخ الكاشاني عن القيامة بمعناها العام انّها : ( الانبعاث بعد الموت الى حيوات أبدية ) (٢) ، ويشير بـ ( الحيوات ) الى تعدد الحياة بعد تعدد القيامة ، فإنه بعد كل قيامة حياة غير الحياة التي عاشها قبل قيامته تلك.
وقد قسّمها الكاشافي الى ثلاثة أقسام :
أولها : الانبعاث بعد الموت الطبيعي الى حياة أحد البرازخ العلوية أو السفلية بحسب حال الميت في الحياة الدنيوية لقوله عليهالسلام : « كما تعيشون تموتون ، وكما تموتون تبعثون ».
وهي القيامة الصغرى المشار إليها في قوله عليهالسلام : « من مات فقد قامت قيامته ».
وثانيها : الانبعاث بعد الموت الارادي الى الحياة القلبية الأبدية في العالم القدسي ، كما قيل مت بالارادة تحيا بالطبيعة.
وهي القيامة الوسطى ، المشار إليها في قوله تعالى : ( أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا ... ) (٣).
وثالثها : الانبعاث بعد الفناء في الله الى الحياة الحقيقية عند البقاء بالحقّ.
وهي القيامة الكبرى المشار إليها بقوله تعالى ( فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَىٰ ) (٥) (٤).
فالقيامة لا تبتدأ عند أهل المعرفة من موت الانسان الطبيعي وانّما هي معه في
__________________
(١) قد وضحنا ذلك في شرحنا على رسالة السير والسلوك المنسوبة الى الآية العظمى السيّد محمّد مهدي الطباطبائي الملقب ببحر العلوم قدسسرهم : ١١٥٥ ـ ١٢١٢ هـ ق.
(٢) اصطلاحات الصوفية للشيخ كمال الدين عبد الرزاق القاشاني : ١٤٦.
(٣) سورة الانعام : الآية ١٢٢.
(٤) سورة النازعات : الآية ٣٤.
(٥) اصطلاحات الصوفية للقاشاني : ص ١٤٦.