قوله : ثم تعرض الكثرة. ١١٦ / ٩
اشارة الى جواب ما قاله المتكلمون من انه لو لم يصدر عن الواحد الّا الواحد لما يصدر عن المعلول الاول الّا واحد هو الثاني ، وعنه واحد هو الثالث وهلم جرّا فيكون الموجودات سلسلة واحدة طولية فكيف ظهرت الكثرات العرضية.
قوله : لأن هذه الجهات لا تصلح للتأثير. ١١٦ / ١٧
هذا الاعتراض اورده الفخر الرازي أيضا. والحق ان الفاعل في الوجود هو الحق سبحانه وتلك الجهات هي شئون ظهور آثاره. وما قالوه من ان العقل يعقل ذاته لتجرده ويعقل مبدأه فليس عقلا مبائنا وموجودا متمايزا عن فاعله سبحانه وإلّا كان الواجب واحدا بالعدد وهو سبحانه في السماء إله وفي الارض إله وقيوم لهما وله ما في السموات والأرض بالملكية الحقيقية التي يعبرون عنها بالإضافة النورية الاشراقية. نعم لو تفوه بأن الماهيات متأصلة في تحققها ، او الموجودات حقائق متمايزة متباينة لكان الاعتراض واردا ولكن الأمر ارفع من تأصلها رأسا واشمخ من تبائنها اصلا. والحكم على التوحيد الصمدي محكم غاية الاحكام.
قوله : وهذا الحكم ينعكس على نفسه. ١١٦ / ١٩
النسخ كلّها على نفسه إلا (ت) فهي : الى نفسه. يعني ان قولنا مع وحدته يتّحد المعلول ينعكس على نفسه اي مع وحدة المعلول تتّحد العلة. اي كما انه لا يصدر عن الواحد الّا الواحد كذلك لا يصدر الواحد الّا عن الواحد. واعلم ان كلا من الأصل والعكس مستدل على حياله فلا اشكال على عكسه الى نفسه في الظاهر. وهذا مثل أن يقال على مبنى الحكمة المتعالية أن كل عاقل معقول وأن كلّ معقول عاقل ، فانهما حكمان برهن كل واحد منهما في محله لا أن الحكم الثاني استفيد من العكس فيقال ان الموجبة الكلية لا تنعكس كنفسها.
لا بأس بنقل كلام كامل رصين من الماتن المحقق في الردّ على زعم الفخر الرازي تأييدا للمرام وتسديدا للحكم المبحوث عنه في الصدور في المقام قال في شرح الفصل الحادي عشر من خامس حكمة الاشارات : ان الفاضل الشارح ـ يعني به الفخر الرازي ـ عارض به دليل الحكماء بأن الواحد قد يسلب عنه اشياء كثيرة كقولنا هذا الشيء ليس بحجر وليس بشجر ، وقد يوصف بأشياء كثيرة