الضلالة لأنهما قبيحان والله تعالى منزه عن فعل القبيح وأما الهداية فالله تعالى نصب الدلالة على الحق وفعل الهداية الضرورية في العقلاء ولم يفعل الإيمان فيهم لأنه كلفهم به ويثيب على الإيمان فمعاني الهداية صادقة في حقه تعالى إلا فعل ما كلف به وإذا قيل إنه تعالى يهدي ويضل فإن المراد به أنه يهدي المؤمنين بمعنى أنه يثيبهم ويضل العصاة بمعنى أنه يهلكهم ويعاقبهم وقول موسى عليهالسلام (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ) فالمراد بالفتنة الشدة والتكليف الصعب يضل بها من يشاء أي يهلك من يشاء وهم الكفار.
المسألة العاشرة
في أنه تعالى لا يعذب الأطفال
قال : وتعذيب غير المكلف قبيح وكلام نوح عليهالسلام مجاز والخدمة ليست عقوبة له والتبعية في بعض الأحكام جائزة.
أقول : ذهب بعض الحشوية إلى أن الله تعالى يعذب أطفال المشركين ويلزم الأشاعرة تجويزه والعدلية كافة على منعه والدليل عليه أنه قبيح عقلا فلا يصدر منه تعالى.
احتجوا بوجوه : الأول قول نوح عليهالسلام (وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) والجواب أنه مجاز والتقدير أنهم يصيرون كذلك لا حال طفوليتهم.
الثاني قالوا إنا نستخدمه لأجل كفر أبيه فقد فعلنا فيه ألما وعقوبة فلا يكون قبيحا.
والجواب أن الخدمة ليست عقوبة للطفل وليس كل ألم ومشقة عقوبة فإن الفصد والحجامة ألمان وليسا عقوبة نعم استخدامه عقوبة لأبيه وامتحان له يعوض عليه كما يعوض على أمراضه.
الثالث قالوا إن حكم الطفل يتبع حكم أبيه في الدفن ومنع التوارث والصلاة عليه ومنع التزويج (والجواب) أن المنكر عقابه لأجل جرم أبيه وليس بمنكر أن يتبع حكم أبيه في بعض الأشياء إذا لم يحصل له بها ألم وعقوبة ولا ألم له في منعه من الدفن والتوارث وترك الصلاة عليه.