ثم قال : ثم المصنّف ـ يعني صاحب النهج ـ استدل على كون الصدور أمرا اعتباريا لا وجود له في الخارج فانه لو كان موجودا في الخارج لزم التسلسل واللازم باطل فكذا الملزوم. بيان الملازمة انه لا جائز أن يكون واجبا لاستحالة تعدد الواجب ، واستحالة كونه عرضا فيكون ممكنا فيكون له صدور وننقل الكلام الى صدوره ونقول فيه كما قلنا في الأول فيلزم التسلسل.
الثاني من حيث المعارضة وهي هنا نقض اجمالي وذلك من وجهين : الأوّل انه يلزم ان لا يصدر عن ذلك البسيط شيء اصلا وذلك لانكم تسلّمون صدور أمر واحد عن تلك العلة البسيطة وحينئذ نقول ذلك الواحد له صدور فيكون مغايرا للعلّة ولذلك الواحد لكونه نسبة إليهما فاما أن يكون داخلا في العلة او خارجا فمن الاوّل يلزم التركيب ، ومن الثاني يلزم التسلسل.
الثاني انه لو صحّ ما ذكرتم لزم ان لا يسلب من الواحد اكثر من واحد ، وأن لا يتصف إلّا بشيء واحد. اما الاوّل فلأنّ سلب ـ ا ـ عن ـ ج ـ مغاير لسلب ـ ب ـ عنه لا نا نعقل احد السلبين ونغفل عن الآخر فامّا ان يكونا داخلين او خارجين الى آخره.
واما الثاني فلأنّ اتّصاف ـ ا ـ بب ، غير اتصافه بج ، وهما أيضا مغايران لما قلنا فإمّا ان يكونا داخلين او خارجين ـ الى آخر الكلام ـ ويلزم ما قلتم ، انتهى (ص ٨٦ ط ١).
اقول : ان السنخية بين الفاعل وفعله مما لا يعتريه ريب ولا يتطرق إليه شائبة دغدغة ويعبّرون عنها بالسنخية بين العلة ومعلولها وكل فعل يصدر من فاعله على جهة خاصّة فيه والّا يلزم صدور كل شيء عن كل شيء وظهور كل اثر عن كل شيء وهو كما ترى فان صدر عن فاعل اثران فلا شك ان فيه جهتين صدر كل واحد منهما عن كل واحدة منهما. وهذه الجهة هي الحيثية الواقعية المتحققة في ذات الفاعل وهو مبدأ صدور الاثر ومنشأ ظهوره والامر الاعتباري المحض الذي يفرض في الذهن فرضا بلا واقع انّى له شأنية الاصدار. فما قالوا في صدور الكثرة عن الواحد محقق في الفاعل ذي الحيثيات النفس الأمرية لا الفاعل الصمد الذي هو الاول والآخر والظاهر والباطن. وحيث علمنا وايقنا بأن نضد الكلمات الالهية على نظم أتم واحسن فلا يصدر من فاعلها القيوم إلّا واحد هو نور مرشوش ورق منشور ثم تصور بصور الكثرة غير المتناهية الاشرف فالاشرف نزولا والاخس فالاخس صعودا على وفق علمه العنائى الذي هو عين ذاته والكثرات مرايا آياته ومظاهر اسمائه وصفاته. ثم ان كلام الخواجة ليس إلّا في صدور الفعل عن فاعله واما ان كان الفاعل واجب الوجود لذاته فهو غير مصرّح في كلامه فتأمّل.