ان هذه المسألة اي الواحد الأحدي لا يصدر عنه الّا واحد من أمّهات المسائل الفلسفية وقد تعاضد العقل والنقل فيها فانه تحقق عن الشرع اوّل ما خلق الله العقل. ثم ان لهذه المسألة الرصينة شأنا آخر أجلّ وادق مما ذكر في هذا الكتاب واترابه وقد برهن في الحكمة المتعالية والصحف العرفانية ، والوصول إلى ادراك حقيقته يحتاج الى تلطيف سرّ وتدقيق فكر وتجريد نظر. وذلك الشأن هو الفرق بين أوّل ما صدر وبين أوّل ما خلق فان أوّل ما خلق هو العقل والخلق هو التقدير فالعقل هو تعيّن تقديري من التعينات التقديرية وهذا التعين شأن من شئون الصادر الأوّل ونقش من نقوشه وكلمة من كلماته العليا وبتعبير آخر على نحو توسع في التعبير ان هذا التعين عارض على مادة الممكنات وتلك المادة هو الوجود المطلق بمعنى نفس الرحمن لا الوجود المطلق الحق الأحدي المنزه عن هذا الاطلاق. والصادر الاوّل هو الوجود المنبسط الساري في الممكنات ومنها العقل. فأوّل ما خلقه الله تعالى هو العقل ، وأما أوّل ما صدر عنه تعالى فهو الوجود المنبسط الذي هو مادة العقل ومادة جميع الممكنات.
وفي آخر نصوص الصدر القونوي : والحق سبحانه وتعالى من حيث وحدة وجوده لم يصدر عنه الّا واحد لاستحالة اظهار الواحد وايجاده من حيث كونه واحدا ما هو اكثر من واحد لكن ذلك الواحد عندنا هو الوجود العام المفاض على اعيان المكوّنات وما وجد منها وما لم يوجد مما سبق العلم بوجوده ، وهذا الوجود مشترك بين القلم الأعلى الذي هو أوّل موجود المسمّى أيضا بالعقل الاوّل وبين سائر الوجودات. الخ.
فراجع في تلك الغاية القصوى الى المرحلة السادسة من الحكمة المتعالية اعني الأسفار في العلة والمعلول ، سيما الفصل المعنون بقوله في الكشف عمّا هو البغية القصوى. وقد شرح هذا الفصل الحكيم الالهي آقا علي المدرس في بدائع الحكم (ص ١٨٤) ، وهكذا الى الأسفار (ج ١ ص ١٩٣ ط ١) والى المقام الخامس من مصباح الانس لابن الفناري في شرح مفتاح الغيب (ص ٦٩ ط ١) ورسالتنا الفارسية الموسومة بوحدت از ديدگاه عارف وحكيم تجديك في المقام جدّا والله سبحانه وليّ التوفيق.
قوله : المؤثر إن كان مختارا. ١١٦ / ٤
المؤثر الأوّل سبحانه وتعالى مختار باتفاق المتألّهين في التوحيد ، والفاعل الموجب هو المبدأ الطبيعي اعني الاصول الازلية المادية التي هي اجزاء لا تتجزى وجواهر فردة على ما ذهب إليه